وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم من تحتها بكسر الميم والتاء «١».
قال أبو علي: من تحتها لأنه إنما هو جبريل عليه السلام، أو عيسى، وقال بعض أهل التأويل: لا يكون إلا عيسى، ولا يكون جبريل لأنه لو كان جبريل لناداها من فوقها. وقد يجوز أن يكون جبريل، وليس قوله من تحتها يراد به الجهة المحاذية للتمكن من تحته، ولكن المعنى: فناداها من دونها، ويدلّ على ذلك قوله: قد جعل ربك تحتك سريا [مريم/ ٢٤] فلم يكن الجدول محاذيا لهذه الجهة، ولكن المعنى جعله دونك، وقد يقال: فلان تحتنا، أي: دوننا في الموضع، قال ذلك أبو الحسن، فمن تحتها، أبين لأن المنادي أحد هذين، وأن يكون المنادي عيسى أشبه وأشدّ إزالة لما خامرها من الوحشة والاغتمام، لما يوجد به طعن عليها، لأن ذلك يثقل على طباع البشر، ألا ترى قوله للنبي صلّى الله عليه وسلّم: قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون [الأنعام/ ٣٣] وقوله: ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون [الحجر/ ٩٧] وإذا قال: من تحتها، كان عاما، فلم يبلغ في إزالة وحشتها وهمّها ما يبلغه نداء عيسى عليه السلام.
ووجه من قرأ: (من تحتها): أنه وضع اللفظة العامة موضع اللفظ الخاص، فقال: (من تحتها) وهو يريد عيسى صلى الله عليه كما تقول: رأيت من عندك، وأنت تعني واحدا بعينه.
[مريم: ٢٥]
اختلفوا في قوله تعالى: تساقط عليك [مريم/ ٢٥].

(١) السبعة ٤٠٨ - ٤٠٩.


الصفحة التالية
Icon