أن يكون الجذع منفردا عن النخلة يسقط عليها، ويكون سقوط الرطب من الجذع آية لعيسى عليه السلام، ويصير سقوط الرطب من الجذع أسكن لنفسها وأشد إزالة لاهتمامها، وسقوط الرطب من الجذع منفردا عن النخل مثل رزقها الذي كان يأتيها في المحراب في قوله: كلما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها رزقا [آل عمران/ ٣٧] إلى قوله: قالت هو من عند الله [آل عمران/ ٣٧].
وقوله: رطبا في هذه الوجوه منصوب على أنه مفعول به، ويجوز في قوله: (تساقط عليك): أي تساقط عليك ثمرة النخلة رطبا، فحذف المضاف الذي هو الثمرة، ويكون انتصاب رطب على الحال، وجاز أن تُضمر الثمرة وإن لم يجر لها ذكر، لأن ذكر النخلة يدلّ عليها كما دلّ البرق على الرعد فيما ذكرناه فيما مر.
فأما الباء في قوله: هزي إليك بجذع النخلة، فتحتمل أمرين: أحدهما: أن تكون زائدة، كقولك: ألقى بيده، أي: ألقى يده، وقوله:

بواد يمان ينبت الشّثّ حوله وأسفله بالمرخ والشّبهان
«١» ونحو ذلك، ويجوز أن يكون المعنى: وهزي إليك بجذع النخلة أي: بهز جذع النخلة رطبا كما قال:
(١) البيت في مجاز القرآن ٢/ ٤٨ والاقتضاب ٤٥٧ والجمهرة ١/ ٤٥ والتهذيب ٦/ ٩٣ واللسان (شث، شبه). قال في (شبه): قال رجل من عبد القيس، قال ابن بري قال أبو عبيدة: للأحول اليشكري، واسمه يعلى...
والشث: الكثير من كل شيء، والشث: ضرب من الشجر طيب الريح مر الطعم يدبغ به. والمرخ: من شجر النار معروف، شجر كثير الوري سريعه. والشبهان:
ضرب من العضاه.


الصفحة التالية
Icon