أن أهلها قاطنون فيها، لا ينتقلون للنجع، وطلب المراعي، وأما ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
وذاك فراق «١»
لا فراق ظعائن... لهنّ بذي القرحى مقام ومحتمل
«٢» فإن المقام مصدر كما أن خلافه الذي هو محتمل كذلك فأما قوله (لا مقام لكم فارجعوا) [الأحزاب/ ١٣] فالمعنى: لا مشهد لكم، لأن المقام قد أريد به المشهد، ومن قرأ لا مقام: أراد الإقامة، وكلا الأمرين سائغ، وقد يكون المقام حيث يقوم الإنسان، مما يدلّ على ذلك قول الراجز:
هذا مقام قدمي رباح... للشمس حتى دلكت براح
«٣» المعنى: هذا موضع قيامه، وأما قوله: (أي الفريقين خير مقاما) [مريم/ ٧٣] فمن ضم الميم كان اسما للمثوى ومن فتح، كان كذلك أيضا، ألا ترى أن النديّ والنادي هما المجلس، من ذلك قوله:
(وتأتون في ناديكم المنكر) [العنكبوت/ ٢٩] ومن ذلك قول كثير:
أناديك ما حجّت حجيج وكبّرت... بفيفا غزال رفقة وأهلّت
«٤»

(١) في هامش الأصل رواية أخرى الفراق وهي التي في النوادر.
(٢) البيت للبعيث. النوادر ٢٠٤ (ط. الفاتح).
(٣) النوادر ٣١٥ (ط. الفاتح) وفيه «غدوة» بدل «للشمس».
اللسان (برح، دلك) وفيه: «ذبب» بدل «للشمس». ومعنى البيت: أن الشمس قد غربت وزالت فهم يضعون راحاتهم على عيونهم ينظرون هل غربت أو زالت. وهذا على رواية «براح» بكسر الباء، على أنها حرف جر والراح راحة اليد، وهي رواية الفراء. أما على ما رواه أبو زيد في النوادر فالباء مفتوحة، ومعناها الشمس.
(٤) المنصف ٢/ ١٨٠. والفيفاء: الأرض القفر.


الصفحة التالية
Icon