كقوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ ٦٣] فيكون الذكر في محياهم ومماتهم على هذا في المعنى للذين اجترحوا السيّئات.
ويجوز أن تجعل قوله: كالذين آمنوا [الجاثية/ ٢١] في موضع المفعول الثاني ل (نجعل) فيكون الضمير في محياهم ومماتهم للقبيلين، ويكون العامل في الحال أن نجعلهم الذي هو مفعول الحسبان، ويكون المعنى: أن نجعلهم والمؤمنين متساوين في المحيا والممات. وقد روى عن مجاهد أنه قال في تفسير هذه الآية أنه قال:
يموت المؤمن على إيمانه ويبعث عليه، ويموت الكافر على كفره ويبعث عليه «١»، فهذا يكون على هذا الوجه الثالث، يجوز أن يكون حالا من نجعلهم والضمير للقبيلين، فإن قلت: إن من الكفّار من يلحقه مكانة في الدنيا، ويكون له نعم ومزيّة، فالذي يلحقه ذلك ليس يخلو من أن يكون من أهل الذمة أو من أهل الحرب، فإن كان من أهل الذمّة، فليس يخلو من أن يكون قد أدركه ما ضرب عليهم من الذلّة في الحكم، نحو أن يحشروا إلى مؤدّى الجزية، والصّغار الذي يلحقه في الحكم. وإن كان من أهل الحرب، فليس يخلو من إباحة نفسه وماله بكونه حربا، أو من أن يكون ذلك جاريا عليه في الفعل من المسلمين ذلك بهم أو الحكم، والمؤمن مكرّم في الدنيا لغلبته بالحجّة، وفي الآخرة في درجاته الرفيعة، ومنازله الكريمة.
[الحج: ٦٩]
وقرأ ابن كثير: (هذان خصمان) [الحج/ ٦٩] مشدّدة النون، وقرأ الباقون: هذان خفيفة النون «٢».

(١) انظر تفسير مجاهد ٢/ ٥٩١ وتفسير القرطبي ١٦/ ١٦٦.
(٢) السبعة ٤٣٥.


الصفحة التالية
Icon