ولمّا رأيت الأمر عرش هويّة تسليت حاجات النفوس بصيعرا
فالعرش مكان المستقي والماتح، وليس بموضع طمأنينة ولا استقرار إلّا على الخطر وخلاف الثقة بالموقف، يقول: لما رأيت الأمر لاثبات بعدت منه، وقريب منه قول الآخر «١»:
فلا يرمى بي الرّجوان إنّي أقلّ القوم من يغني غنائي
أي: لا أدفع إلى شيء لا يكون لي معه ثبات ولا قرار، كما أن من رمي به الرّجوان لم يقدر على استقرار ولا اطمئنان.
[الحج: ٦٧، ٣٤]
اختلفوا في فتح السين وكسرها من قوله عز وجل: (منسكا) [الحج/ ٣٤ - ٦٧].
فقرأ حمزة والكسائي، (منسكا) بكسر السين في الحرفين جميعا.
وانظر الأمالي ١/ ١٦١ والهوية، بفتح الهاء وكسر الواو: البئر البعيدة المهواة.
(١) البيت لعبد الرحمن بن الحكم من شعر يقوله في أخيه مروان الاقتضاب/ ٣٦٦ وشرح المفصل لابن يعيش ٤/ ١٤٧ واللسان (رجا). وجاء فيها برواية «مكاني» بدل «غنائي». قال ابن السيد: قوله: فلا يرمى بي الرجوان: مثل يضرب لمن يتهاون به، ولمن يعرض للمهالك، والرجوان: ناحيتا البئر. وأصل هذا أن البئر إذا كانت مطوية بالحجارة احتاج المستقي منها أن يتحفظ بالدلو لئلا يصيب أحد جانبي البئر فتخرق أو تنقطع، فيقال له عند ذلك: أبن ابن، أي: أبعد دلوك عن جانبي البئر، وإذا كان المستقي بمن يتهاون بالدلو ويريد الإضرار بصاحبها، صدم له بها أحد جانبي البئر فانخرقت وانقطعت، فضرب ذلك مثلا لمن يخاطر به ويعرض للهلاك.


الصفحة التالية
Icon