على ما قد مضى وإنّما وقع في الآية على لفظ المضارع لأنّه حكاية لحال آتية، كما أن قوله: وإن ربك ليحكم بينهم [النحل/ ١٢٤] حكاية لحال آتية أيضا.
ومن حكاية الحال قول القائل «١»:

جارية في رمضان الماضي تقطّع الحديث بالإيماض
ومن زعم أن الآية على إضمار كان، وتقدير: ربّما كان يودّ الذين كفروا، فقد خرج بذلك عن قول سيبويه، ألا ترى أنّ كان لا تضمر عنده، ولم يجز: عبد الله المقتول، وأنت تريد:
كن عبد الله المقتول.
فأمّا إضمارها بعد إن في قوله: إن خيرا فخير «٢»، فإنّما جاز ذلك لاقتضاء الحرف له، فصار اقتضاء الحرف له كذكره.
فأمّا ما أنشده ابن حبيب لنبهان بن مشرق:
لقد رزئت كعب بن عوف وربّما فتى لم يكن يرضى بشيء يضيمها
فإن قوله: فتى، في «ربّما فتى» يحتمل ضروبا، أحدها:
أن يكون لمّا جرى ذكر رزئت، استغنى بجري ذكره عن أن يعيده،
(١) من رجز منسوب لرؤبة وهو في ملحقات ديوانه/ ١٧٦ وانظر الخزانة ٣/ ٤٨٢ وشرح أبيات المغني للبغدادي ٨/ ٩٤ وقوله: من حكاية الحال، يريد بها الحال الماضية كما هو ظاهر. واستشهاد النحاة بهذا البيت هو من أجل قوله:
رمضان، حيث جاء بدون شهر، وإن كان إثباته أفصح كما نطق به القرآن.
(٢) انظر سيبويه ١/ ١٣٠.


الصفحة التالية
Icon