تميد بكم [النحل/ ١٥] وإلهكم إله واحد [النحل/ ٢٢]، فكلّ هذا خطاب، فإن قلت: إنّ فيه (والذين تدعون من دون الله) وهذا لا يكون خطابا للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولا للمسلمين، فإنّه يكون على إرادة: قل، كأنّه: قل لهم: (والذين تدعون من دون الله) فلا يمتنع الخطاب إذا كان على هذا الوجه، ولهذا قرأ عاصم:
والذين يدعون بالياء، لما كان ذلك عنده إخبارا عن المشركين، ولم يجز أن يكون في الظاهر خطابا للمسلمين.
فأما ما روي عن عاصم من أنه قرأ كلّه بالياء، فهذا على توجيه الخطاب إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، كأنه: قل لهم: والله يعلم ما يسرّون وما يعلنون، والذين يدعون.
[النحل: ٢٧]
اختلفوا في فتح النون وكسرها من قوله عزّ وجلّ:
تشاقون فيهم [٢٧].
فقرأ نافع وحده: (تشاقون فيهم) بكسر النون وتخفيفها.
وقرأ الباقون: تشاقون فيهم بفتح النون «١».
قد ذكرنا وجه قول نافع فيما تقدم «٢»، ومعنى (تشاقون):
تكونون في جانب والمسلمون في جانب، ولا تكونون معهم يدا واحدة. ومن هذا قيل لمن خرج عن طاعة الإمام وعن جملة جماعة المسلمين: شقّ العصا، أي: صار في جانب عنهم، فلم يكن ملائما لهم، ولا مجتمعا معهم في كلمتهم «٣».
(٢) يريد في قوله عز وجل: فبم تبشرون الحجر/ ٥٤. انظر ص ٤٥.
(٣) على هامش النسخة كلمة «بلغت».