وقوله: ويسقى من ماء صديد [إبراهيم/ ١٦] مثل يضرب، وليس مثل يكرم، يدل على ذلك قوله: وسقوا ماء حميما، وتقدير من ماء صديد من ماء ذي صديد فهذا خلاف قوله: وسقاهم ربهم شرابا طهورا [الإنسان/ ٢١].
فأما قوله: وأسقيناكم ماء فراتا [المرسلات/ ٢٧]، وقوله: فأسقيناكموه [الحجر/ ٢٢] فمعنى ذلك جعلناه سقيا لكم، كما تقول: أسقيته نهرا، أي جعلته شربا له، وقالوا:
سقيته في معنى: أسقيته يدل على ذلك قوله «١»:

سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال
فسقى قومي: ليس يريد به ما يروي عطاشهم، ولكن يريد: رزقهم سقيا لبلادهم، يخصبون منها- وبعيد أن يسأل لقومه ما يروي العطاش، ولغيرهم ما يخصبون منه، ويبيّن ذلك قول الشاعر «٢»:
أخطا الربيع بلادهم فسقوا ومن أجلهم أحببت كلّ يمان
فقوله: سقوا، دعا لهم بالسّقيا التي أخطأت بلادهم.
وهذا- وإن كان الأكثر فيما يرفع العطش- سقى، وفي السقيا:
(١) البيت للبيد من قصيدة له يعاتب فيها قومه- ومجد: ابنة تيم بن غالب- ديوانه/ ١١٠ والنوادر/ ٢١٣.
(٢) لم نعثر على قائله.


الصفحة التالية
Icon