في الأرض مرتين بعثناهم ليسوءوا وجوهكم، فحذف بعثناهم، لأن ذكره قد تقدم، ولأنه جواب إذا وشرطها تقتضيه، فحذف للدّلالة عليه.
فأما ليسوءوا فقال أبو زيد: سؤته مساءة، ومسائية، وسواية.
وقال: وجوهكم على أنّ الوجوه مفعول به لسؤت، وعدي إلى الوجوه لأن الوجوه قد يراد بها ذوو الوجوه، كقوله: كل شيء هالك إلا وجهه [القصص/ ٨٨] وقال: وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة [عبس/ ٣٨، ٣٩] وقال: وجوه يومئذ ناضرة [القيامة/ ٢٢] ووجوه يومئذ باسرة [القيامة/ ٢٤]. وقال النابغة:
أقارع عوف لا أحاول غيرها | وجوه قرود تبتغي من تجادع |
وكأنّ الوجوه إنما خصّت بذلك لأنها تدلّ على ما كان في ذوي الوجوه من الناس من حزن، ومسرّة، وبشارة، وكآبة.
فأما ليسوءوا فالحجة له أنه أشبه بما قبله وما بعده، ألا ترى أن الذي يراد قبله: بعثناهم، وبعده: ليدخلوا المسجد، وهو بيت المقدس، والمبعوثون في الحقيقة هم الذين يسوءونهم بقتلهم إياهم وأسرهم لهم، فهو وفق المعنى.
فأما وجه قول من قرأ: (ليسوء وجوهكم): بالياء، ففاعل ليسوء يجوز أن يكون أحد شيئين:
أحدهما: أن يكون اسم الله عز وجل لأن الذي تقدّم: بعثنا، ورددنا لكم وأمددناكم بأموال.
(١) انظر ديوانه ص ٥٠ والكتاب ١/ ٢٥٢ وابن الشجري ١/ ٣٤٤، والخزانة ١/ ٤٢٦.