[الحجر/ ١٢] وما سلككم في سقر [المدثر/ ٤٢] وقال:
حتّى إذا سلكوهم في قتائدة «١»...
ويقوّي حمل أمرنا على النقل من أمر، وإن لا يجعل من الأمر الذي هو خلاف النهي، لأن الأمر بالطاعة على هذا يكون مقصورا على المترفين، وقد أمر الله بطاعته جميع خلقه، من مترف وغيره، ويحمل أمرنا على أنه مثل: آمرنا. ونظير هذا كثر وأكثره الله وكثره، ولا يحمل أمرنا على المعنى: جعلناهم أمراء، لأنه لا يكاد يكون في قرية واحدة عدّة أمراء، فإن قلت: يكون منهم الواحد بعد الواحد، فإنهم إذا كانوا كذلك لا يكثرون في حال، وإنما يهلك الله لكثرة المعاصي في الأرض، وعلى هذا جاء الأمر في التنزيل في قوله: يا عباد الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياى فاعبدون [العنكبوت/ ٥٦] فأمرهم بالهجرة من الأرض التي تكثر فيها المعاصي إلى ما كان بخلاف هذه الصفة.
ومما جاء فيه أمر بمعنى الكثرة قول زهير:
والإثم من شرّ ما يصال به | والبرّ كالغيث نبته أمر |
شلّا كما تطرد الجمّالة الشّردا انظر شرح أشعار الهذليين ٢/ ٦٧٥ واللسان (قتد) و (سلك). وجاءت روايته فيها: «أسلكوهم» بدل «سلكوهم». وقتائدة: مكان. والشل: الطرد، والجمالة: أصحاب الجمال.
(٢) البيت في ديوان/ ٣١٥، ما يصال به: ما يفتخر به.
(٣) نص الآية في غير ما زعموه في الأنعام/ ١٢٣: وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها.