الآخر «١»:
حيّوا الدّيار وحيّوا ساكن الدّار ما كدت أعرف إلّا بعد إنكار وكأنّ معنى: أشهد أيّها الحاكم على كذا وكذا، أي أعلمه علما يحضرني. وقد تذلّل لي، فلا أتوقف عنه ولا أتثبت فيه لوضوحه عندي، وتبيّنه، وليس كذلك سبيل المعلومات كلّها، ألا ترى أنّ منها ما يحتاج إلى توقف فيه، واستدلال عليه، وتنزيل له، ويدلّ على أنّ هذه الشهادة يراد بها المعنى الزائد على العلم أنّه لا يخلو من أن يكون العلم مجردا ممّا ذكرنا، أو مقترنا بما وصفنا من المعاني، فالّذي يدلّ على أنّه المقترن بالمعاني التي ذكرنا قوله: إلا من شهد بالحق وهم يعلمون [الزخرف/ ٨٦]، وقوله: وما شهدنا إلا بما علمنا [يوسف/ ٨١].
فلو كان معنى «شهد» العلم خاليا من هذه المعاني لكان المعنى:
وما علمنا إلّا بما علمنا، وإلّا من علم بالحقّ وهم يعلمون، فإذا لم يتّجه حمله على هذا علم أنّ معناه ما ذكرنا. وشهد في هذا الوجه يتعدّى بحرف جرّ، فتارة يكون الباء وأخرى يكون على*، فمما يتعدّى بعلى قوله: وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا [فصّلت/ ٢١] وقوله: شهد عليهم سمعهم وأبصارهم [فصّلت/ ٢٠] ويوم تشهد عليهم ألسنتهم [النور/ ٢٤] شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم [الأنعام/ ١٣٠] ومن التعدّي بالباء قوله: وما شهدنا إلا بما علمنا [يوسف/ ٨١] وإلا من شهد بالحق

(١) لم نقف عليه.


الصفحة التالية
Icon