أكلّ امرئ تحسبين امرأ ونار توقّد باللّيل نارا «١» إن كل* في حكم الملفوظ به، واستغني عن إظهاره بتقدّم ذكره، وكذلك فعلت العرب في الجارّ، ألا ترى أنّهم لم يجيزوا: من تضرب أمرّ، ولو قلت: بمن تمرّ أمرّ، كان جائزا؟ وعلى أنّهم قالوا:
على من تنزل أنزل عليه، فحذفوا الجارّ، وحسن ذلك لتقدّم ذكر الجارّ، وعلى هذا قول الشاعر:
إنّ الكريم وأبيك يعتمل إن لم يجد يوما على من يتّكل «٢» لمّا ذكر على* وإن كانت زائدة في قول سيبويه حسن حذف الجارّ من الصلة، ولو لم يذكره لم يجز، وكذلك ما حكاه يونس، من قولهم: مررت برجل صالح إلّا صالح، فطالح، لمّا تقدّم ذكر الجارّ حسن ذلك، ولو لم يذكر الجارّ لم يكن هذا، وممّا يؤكّد قول حمزة والكسائي، وأن آيات* محمولة على إنّ ما ذكر من أنّه في قراءة «٣» ثلاث لامات. وفي خلقكم وما يبث من دابة لآيات وكذلك الموضعان الآخران. فدخول اللّامات يدلّ على أنّ
(٢) البيت لبعض الأعراب استشهد به الفارسي في المسائل العسكرية ص ١٩٠.
انظر سيبويه في الكتاب ١/ ٤٤٣، والخصائص ٢/ ٣٠٥، والمحتسب ١/ ٢٨١، والخزانة ٤/ ٢٥٢، والبيت من شواهد المغني وشرحه للبغدادي ٣/ ٢٤١، ٣٠٤.
(٣) في الهامش: في أخرى: في قراءة أبي.