كان الضمير في نجعلهم للكفّار خاصة، وفي محياهم ومماتهم كذلك، لأنّه يلزم أن يكون داخلا في الحسبان وليس المعنى كذلك إنما المعنى على القطع والثبات باستواء محيا الكفّار ومماتهم، فإن قلت: كيف يدخل في الحسبان وهو في صلة أن نجعلهم؟ قيل: إنّه يدخل في الحسبان، وإن كان في صلة أن نجعل كما دخل في النفي قوله: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم [البقرة/ ١٠٥] فكما دخل أن ينزل في النفي بدلالة دخول من في قوله: من خير من ربكم وإن كان النفي لا حقا ليودّ، كذلك يدخل سواء إذا نصبت في الحسبان، لأنّه في صلة أنّ الذي وقع عليه الحسبان، كما دخل قوله: من خير من ربكم في النفي، لأنّه مفعول النفي، فكذلك سواء مفعول نجعل الذي وقع عليه الحسبان، وليس المراد إدخاله في الحسبان إنّما المراد الإثبات والإعلام باستواء محياهم ومماتهم في السوء، والذّم، وإذا كان كذلك لم يكن فيه إلا الرفع، ويكون على هذا الوجه قوله: كالذين آمنوا وعملوا الصالحات في موضع المفعول الثاني، وسواء محياهم استئناف ولا يكون في موضع حال من قوله: كالذين آمنوا، لأنّه لا يلتبس بهم، ألا ترى أن الضمير على هذا القول للكفّار خاصة دون المؤمنين؟ قال سيبويه: وما كان من النكرة رفعا غير صفة فهو في المعرفة كذلك، وتلا الآية، يريد أنه إذا لم يعمل عمل الفعل إذا جرى على النكرة نحو مررت برجل سواء أبوه وأمه، فهو في المعرفة كذلك في أنّه لا يعمل عمل الفعل في الظاهر، وهذا يدلّ على أنّه جعل قوله: سواء محياهم ومماتهم، ملتبسا لما قبله إلّا أنّه لم يجره عليه من حيث لم يشبه اسم الفاعل ولا ما شبّه به


الصفحة التالية
Icon