لمّا كان: «غيّر آيهنّ مع البلى/ إلّا رواكد» معناه: بها رواكد، حمل مشجج على ذلك، وكذلك قوله عزّ وجلّ: يطاف عليهم بكأس من معين [الصافات/ ٤٥] «١» ثم قال: وحور عين [الواقعة/ ٢٢] لمّا كان يطاف عليهم بكذا معناه لهم فيها كذا، وقالوا: إنّ أحدا لا يقول ذاك إلّا زيد، فأدخل أحدا في الواجب لمّا كان معنى الكلام النفي، ومثله قبل دخول إن قوله:
إذن أحد لم تنطق الشفتان «٢» فإنما دخل إنّ على أحد ودخولها يدلّ على أنّه رفعه بالابتداء دون الفعل الذي يفسّره «لم تنطق» وهذا الضرب كثير، وإنّما ينكره من لا بصر له بهذا اللّسان.
ومن قرأ: لا ترى إلا مساكنهم كان الفعل لك أيها المخاطب، والمساكن مفعول بها، وترى في القراءتين جميعا من رؤية العين، المعنى: لا تشاهد شيئا إلّا مساكنهم كأنها قد زالت عمّا كانت عليه من كثرة الناس بها، وما يتبعهم ممّا يقتنونه.
[الاحقاف: ٢٠]
قال: وقرأ ابن كثير: أاذهبتم [الأحقاف/ ٢٠] بهمزة مطوّلة.
وقرأ ابن عامر: أأذهبتم بهمزتين.

(١) الظاهر أنه التبس على المصنف هنا آية الصافات هذه بآية الواقعة وهي: (يطوف عليهم ولدان مخلدون.. ) الآية ١٧، وهي التي يأتي بعدها (وحور عين) كما أورد.
(٢) البيت من قصيدة للفرزدق أبياتها سبعة وأربعون بيتا، يصف فيها الشاعر صنيعه ليلا بالذئب، وقراه له، ورواية البيت في الديوان:
ولو سألت عني النوار وقومها إذا لم توار الناجذ الشّفتان انظر ديوانه ٢/ ٣٣٠ والمسائل البصريات ص ٥٦١


الصفحة التالية
Icon