على أن تقدّره: يرسل عليكما شواظ من نار وشيء من نحاس، فتحذف الموصوف وتقيم الصفة مقامه كقوله: ومن آياته يريكم البرق [الروم/ ٢٤] ومن الذين هادوا يحرفون الكلم [النساء/ ٤٦] وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به [النساء/ ١٥٩] ومن أهل المدينة مردوا على النفاق [التوبة/ ١٠١]، فحذف الموصوف من ذلك كلّه، وكذلك في الآية فإن قلت: فإن هذا فاعل، والفاعل لا يحذف فقد جاء «١»:
وما راعني إلّا يسير بشرطة وعهدي به قينا يفشّ بكير على أن هذا الحذف قد جاء في المبتدأ في الآية التي تلوتها أو بعضها، وقد قالوا: تسمع بالمعيديّ لا أن تراه «٢».
فإذا حذف الموصوف بقي بعده قوله: من نار الذي هو صفة لشيء المحذوف، وحذف من، لأن ذكره قد تقدّم في قوله من نار فحسّن ذلك حذفه، كما حسّن حذف الجار من قوله: على من تنزل أنزل، وكما أنشده أبو زيد من قول الشاعر «٣»:
أصبح من أسماء قيس كقابض على الماء لا يدري بما هو قابض أي: بما هو قابض عليه، فحذف لدلالة الجار على المتقدّم
(٢) من أمثال العرب يضرب للشيء الذي لم تره ويعظم في نفسك بالسماع، فإذا رأيته اقتحمته عينك وله رواية: أخرى: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.
الوسيط في الأمثال ١/ ٨٣، وكتاب الأمثال لابن سلام/ ٩٧.
(٣) لقيس بن جروة تقدم ذكره في ج ١/ ٢٦٠.