البصر نحو المبصر تتبعه الرؤية، وقد يجري على الشيء لفظ ما يتبعه، ويقترن به كقولهم للمرأة: راوية، وكقولهم للفناء: عذرة، وكقولهم لذي بطن الإنسان: غائط وإنما الغائط: المطمئن من الأرض المستقل، وقد يكون: نظرت فلم تنظر، مثل: تكلّمت فلم تكلّم، أي: لم تأت بكلام على حسب ما يراد، أي: لم يقع الموقع الذي أريد، فكذلك: نظرت فلم تنظر منظرا كما تريد، أو: لم تر منظرا يروق.
وضرب آخر من نظرت: أن يريد به انتظرته، من ذلك قوله:
إلى طعام غير ناظرين إناه [الأحزاب/ ٥٣]، أي: غير منتظرين إدراكه وبلوغه، ومن ذلك قول الشاعر «١»:
ما زلت مذ أشهر السّفّار أنظرهم مثل انتظار المضحي راعي الإبل يدلّك على ذلك قوله: مثل انتظار المضحّي، المعنى: انتظرتهم انتظارا مثل انتظار المضحي، فقد تبينت أنه أراد بنظرت: انتظرت، وقد يجيء فعلت وافتعلت بمعنى كثيرا، كقولهم: شويت واشتويت، وحضرت واحتضرت، ومن ذلك قول الفرزدق «٢»:
نظرت كما انتظرت اللَّه حتى كفاك الماحلين لك المحالا

(١) ذكره اللسان (شهر) ولم ينسبه وروايته فيه «راعي الغنم» بدل «الإبل» أشهر السفّار: مضى عليهم شهر.
(٢) انظر ديوانه ٢/ ٦٥٥، وفيه:
نظرتك ما انتظرت اللَّه حتى كفاك الماحلين بك المحالا


الصفحة التالية
Icon