أمتكم أمة واحدة وأنا ربّكم فاعبدون، أي: لهذا فاعبدوني، ومثله في قول الخليل: لإيلاف قريش [قريش/ ١] كأنه: لهذا فليعبدوا.
فأمّا المساجد فقيل فيها: إنها بيوت العبادة، أي: لا تشركوا فيها الأوثان مع الله في العبادة، وقيل: إن المساجد المواضع التي يسجد بها الساجد، فقال سيبويه: ولو قرئ: وإن المساجد لله لكان جيدا.
وأمّا قوله: وأنه لما قام عبد الله [الجن/ ١٩] فيكون على:
أوحي إليّ، ويكون على أن يقطع من قوله: أوحي* ويستأنف به، كما جوز سيبويه القطع من أوحي في قوله: وأن المساجد لله فعلى هذا تحمل قراءة نافع وعاصم: وإنه لما قام عبد الله فكسرا همزة إن*، فأما قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي كلّ ذلك بالفتح، فإنه على الحمل على أوحي*، ويجوز أن يكون على غيره، كما حمل المفسرون:
وأن المساجد لله على الوحي، وحمله الخليل على ما ذكرناه عنه، فأما ما جاء من ذلك بعد قول أو حكاية، فكما حكي قوله: قال الله إني منزلها عليكم [المائدة/ ١١٥] ويا مريم إن الله اصطفاك [آل عمران/ ٤٢] وكذلك ما جاء بعد فاء الجزاء، لأن ما بعد فاء الجزاء موضع ابتداء، فلذلك حمل سيبويه قوله: ومن عاد فينتقم الله منه [المائدة/ ٩٥]، ومن كفر فأمتعه قليلا [البقرة/ ١٢٦]، من يؤمن بربه فلا يخاف [الجن/ ١٣] على أن المبتدأ فيها مضمر، ومثال ذلك في هذه السورة قوله: ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم [الجنّ/ ٢٣].
[الجن: ١٧]
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: نسلكه عذابا صعدا [الجنّ/ ١٧] بالنون.


الصفحة التالية
Icon