فمقابلته له بصحوتم يدلّك على إرادة سكرتم. والآخر: أنزف:
إذا نفد شرابه، ومعنى أنزف صادر ذا إنفاد لشرابه، كما أنّ الأول معناه النفاد من عقله، فقول حمزة والكسائي ينزفون*، يجوز أن يراد به:
ولا يسكرون عن شربها، ويجوز أن يراد: لا ينفد ذلك عندهم كما ينفد شراب أهل الدنيا، فإذا كان معنى لا فيها غول [الصافّات/ ٤٧] لا تغتال عقولهم، حمل قول حمزة والكسائي: لا ينزفون في الصافّات على: لا ينفد شرابهم، لأنّك إن حملته على أنّهم لا يسكرون صرت كأنّك كررت يسكرون مرتين، وإن حملت لا فيها غول على لا تغتال صحتهم ولا يصيبهم عنها العلل التي تحدث عن شربها كما ترى أنّ عاصما ذهب إليه، حملت ينزفون في والصافات على أنّهم لا يكسرون، ويقال للسكران منزوف. وفي الواقعة قال: ينزفون* أي:
لا ينفد شرابهم، لأنّه قد تقدّم أنّهم لا يصيبهم فيها الصداع، فقوله:
لا يصدعون عنها [الواقعة/ ١٩] كتأويل قوله في الصّافات: لا تغتال من صحّتهم، فيصرف لا ينزفون في الصافّات إلى أنّه لا ينفد شرابهم.
وأمّا من قرأ: ولا ينزفون في الموضعين، فإنّه أراد: لا يسكرون، وهو مثل لا يضربون وليس يفعلون من أفعل، ألا ترى أنّ أنزف الذي معناه سكر وأنزف الذي يراد به نفد شرابه لا يتعدى واحد منهما إلى المفعول به، وإذا لم يتعدّ إلى المفعول به لم يجز أن يبنى له، فإذا لم يجز ذلك علمت أن ينزفون من نزف وهو منزوف إذا سكر.
[الصافات: ٥٥، ٥٤]
قال: وكلّهم قرأ: مطلعون. فاطلع [الصافّات/ ٥٤، ٥٥] إلّا أنّ ابن حيّان أخبرنا عن أبي هشام عن حسين [الجعفي] «١» عن أبي