يراد بها الدنيا قوله عزّ وجل في الحكاية عن إبراهيم: واجعل لي لسان صدق في الآخرين [الشعراء/ ٨٤] وقوله: وجعلنا لهم لسان صدق عليا [مريم/ ٥٠] فاللّسان هو القول الحسن والثناء عليه، وليس اللّسان هنا الجارحة، يدلّ على ذلك ما أنشده أبو زيد:
ندمت على لسان كان مني فليت بأنه في جوف عكم «١» فالكلام لا يكون على العضو، إنّما يكون على كلام يقوله مرّة، ويمسك عنه أخرى، وكذلك قول الآخر:
إني أتاني لسان لا أسرّ به من علو لا كذب ولا سخر «٢» وقوله: وتركنا عليه في الآخرين، سلام على إبراهيم [الصافّات/ ١٠٨، ١٠٩] وسلام على نوح في العالمين
[الصافّات/ ٧٩] وسلام على إلياسين [الصافّات/ ١٣٠] وسلام على عباده الذين اصطفى [النمل/ ٥٩] فالمعنى: أبقينا عليهم الثناء الجميل في الدنيا، فالدار في هذا التقدير ظرف، والقياس أن يتعدى الفعل والمصدر إليه بالحرف، ولكنّه على: ذهبت الشام عند سيبويه، و: كما عسل الطريق الثعلب «٣» فأمّا جواز كون الدّار الآخرة في قوله: أخلصناهم بخالصة

(١) البيت للحطيئة، سبق في ٢/ ١٧٥.
(٢) البيت لأعشى باهلة، انظر اللسان (لسن) وفيه أتتني بدل أتاني، وبها بدل به، ولا عجب بدل لا كذب.
(٣) بعض بيت لساعدة بن جؤية، سبق في ٥/ ٤٤٠.


الصفحة التالية
Icon