بدل من غير*، ومثل هذا في البدل قوله: وما أنسانية إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ ٦٣] أي ما أنساني ذكره إلّا الشيطان. ومثله في حذف حرف الجر منه افعل ما تؤمر [الصافّات/ ١٠٢] التقدير: ما تؤمر به فحذف الجار، فوصل الفعل إلى الضمير، فصار تؤمره، ثم حذفت الهاء من الصلة كما حذفت من قوله: وسلام على عباده الذين اصطفى [النمل/ ٥٩] أي اصطفاهم، والدّليل على أنّ المحذوفة من اللّفظ مرادة في المعنى: أنّ أبا عمر حكى عن ابن قطرب عن أبيه أنّه سمع من ينشد:
ألا أيّها ذا الزّاجري أحضر الوغى «١» بالنصب. فأمّا تأمروني، فالقياس: تأمرونني، وتدغم فيصير:
تأمرونّي، فجاز الإدغام، وإسكان النون المدغمة لأنّ قلبها حرف لين، وهو الواو في تأمرونّي، فمن خفّف النون وقال تأمروني فإنّه ينبغي أن يكون حذف النون الثانية المصاحبة لعلامة المنصوب المتكلّم، لأنّها قد حذفت في مواضع، نحو: فليتني وإنّي، وكأنّي، وقدي، في نحو قوله:
قدني من نصر الخبيبين قدي «٢» وإنما قدر من المحذوف الثانية لأن التكرير والتثقيل به وقع،
وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدي؟
انظر ديوانه/ ٣١، والبيت من شواهد أبيات المغني ٦/ ١٨١ فانظره هناك.
(٢) سبق في ٣/ ٣٣٤.