ولا نوافقُ البيضاويَّ وغيرَه من المفَسرين الذين حَدَّدوا اسْمَه بأَنَّه
" كنعان "، لأَنهم لا يَمْلكونَ دَليلاً على ذلك إ!.
ومحاكمةُ القرآنِ للعهدِ القَديم خطأٌ منهجيّ وَقَعَ به الفادي، وإِذا كانَ
أَساسُ مَنهجه خطأً، كانت الأَفكارُ والنتائجُ المترتبةُ عليه خاطئة.
وكيفَ نُحاكم كَلامَ اللهِ الثابتَ المحفوظَ إلى كلامٍ مشكوكٍ فيه، اختلطَ فيه كلامُ اللهِ بكلامِ الأَحبار؟ !.
ونتوقفُ فيما زَعَمَه الأَحبارُ في سِفْرِ التكوين من أَنه كانَ لنوحٍ ثلاثةُ
أَبناء، ونتوقفُ في أَسمائِهمِ التي أَطْلقوها عليهم، فلا نَنْفيها ولا نُثْبِتُها،
ونقول: اللهُ تعالى أَعلمُ بأَعدادِهم وأَسمائِهم وتفاصيلِ حياتِهم!.
أَمّا زعْمُ الفادي أَنَّ الذين رَكبوا في الفلكِ كانوا ثمانيةَ أَشخاصٍ فقط
فهذا خطأ؟
وقد أَخْبَرَنا اللهُ أَنَّ الذينَ رَكبوا في السفينةِ كُلُّ مَنْ آمَنوا بنوحِ - ﷺ -، مع أَنهم كانوا قلائل، إِلَّا أَنهم كانوا أَكْثَرَ من ثمانيةٍ قَطْعاً.
قال تعالىَ: (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (٤٠).
وأَخطأَ الأَحبارُ مُؤَلِّفو سِفْر التكوين والقِسّيسُ الفادي الذي تابَعهم عندما
صنَّفوا رُكابَ السفينةِ تصنيفاً أُسَرِيّاً نَسَبِيّاً، وليس تصنيفاً إِيمانيّاً..
فالركابُ الثمانيةُ في السفينةِ هم عائلةُ نوحٍ - ﷺ - في تصنيفهم.
نوحٌ وزوجَتُه، وأَولادُه الثلاثة وزوجاتُهم الثلاث!!.
والصحيحُ هو ما ذَكَرَه القرآن، من أَنَّ الذينَ رَكبِوا معه من أَهْلِه هم
المؤمنون فقط، أَمّا الكافرونَ منهم فقد هَلَكوا مع الهالِكين، ولذلك قالَ اللهُ
عن حَمْلِ أَهْلِه معه: (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ).
والذي سبق عليه القولُ هو الكافِرُ مِنْ أَهْلِه، واللهُ حَكَمَ أَنْ يُهلكَه.
وقد نَصَّ القرآنُ على أَنَّ اثْنَيْنِ من أَهْلِ وأُسْرَةِ نوحٍ كانا كافرَيْن، ولم
يركَبا معه السفينة: امرأَتُه، وابْنُه.


الصفحة التالية
Icon