وبهذا الاعتراضِ الثالثِ فَقَدَ موسى حَقَّه بمصاحبةِ الخضر، وقبلَ أَنْ
يُفارِقَه فَسَّرَ له الأَحداثَ الثلاثةَ المثيرة:
خَرَقَ السفينةَ لأَنه يُريدُ المحافظةَ عليها، وإِبقاءَها في مُلْكِ أَصحابِها
المساكين، فأَمامَهم ملكٌ ظالم غاصب، كُلَّما وَجَدَ سفينةً صالحةً صادَرَها،
وعندما يَرى سفينَتَهم مخروقةً سيتركُها لهم..
أَمّا الغُلامُ فقد علمَ اللهُ أَنه عندما يكبرُ سيكونُ كافراً، وبذلك سَيُرْهِقُ والِدَيْه المؤمِنَيْن، ولذلك أَمَرَهُ اللهُ بقَتْلِه، وسيُؤْتي اللهُ والدَيْه ابناً آخَرَ أَفضلَ وأَكرمَ وأَرحمَ منه..
وأَمّا الجدارُ الذي بَناهُ فقد كانَ لغلامَيْن صغيرَيْن يتيمَيْن، وكانَ أَبوهما الصالحُ قد وَضَعَ لهما كَنْزاً تحتَه، ولو سقط الجدارُ لنهبَ أَهْلُ المدينةِ الكنز، لذلك قامَ الخضرُ بإِصلاحِ الجدار إِكراماً للغلامَيْن اليتيمَيْن وليس إِكْراماً للبخلاء!.
وقبلَ أَنْ يُفارقَ الخضرُ موسى أَخبره أَنَّهُ لم يفعلْ ذلك باجتهادِه، لأَنَّه لا
يَعلمُ الغيب، وإِنما أَخبرَهُ اللهُ بما سيكون، وأَمَرَهُ بفعْلِه!.
هذه خلاصةُ قصةِ موسى مع الخضر - عليهما السلام -، كما وَرَدَتْ في الآياتِ والأَحاديثِ الصحيحة، وهذه القِصَّةُ الصحيحةُ لم تَلْفِتْ نَظَرَ القسيس الفادي، وإِنما ذهبَ إِلى تفسيرِ البيضاوي، وأخذ منه كلمتَيْن، اعتَبَرَهما خطأً من أَخطاءِ القرآنِ التاريخية.
قالَ البيضاوي عن الخضر: " الجمهورُ على أَنه الخضرُ - عليهما السلام -، واسْمُه بليا بن ملكان.
وقيل: إِليسع.
وقيل: إِلياس ".
أَيْ: الخضرُ لَقَب لذلك النبيّ، واسْمُه فيه خِلاف: بليا، أَو إِلياس.
أَو: إِليسع..
ولما نَقَلَ الفادي المفترِي كلامَ البيضاويِّ لم يكنْ أَميناً في النقل،
وصارَتْ عبارة البيضاوي السابقة عنده: " فَوَجَدَ الخضِرَ، وهو إِيليا النبي "!!.
وقالَ البيضاويُّ عن كَنْزِ الغلامَيْن اليتيمَيْن: " وكان تحتَه كَنْز لهما من
ذهبٍ وفضة وقيل: من كتبِ العلم..
وقيل: كان لوحاً من ذهبٍ مكتوب فيه:


الصفحة التالية
Icon