وقد كان الفادي صاحبَ هوى خبيثاً في نَقْلِه عن تفسيرِ البيضاوي، حيثُ
أَخَذَ منه ما يوافق هواه، ليتَّهمَ القرآنَ ويُخَطّئَهُ.
فبعدَما ذَكَرَ البيضاويًّ نُزولَ الآيةِ في حادثةِ عمارِ بن ياسر، واستدلَّ بها على جوازِ التكلم بالكفر عند الإِكراه، ذكَر أَنَّ الأَوْلى والأَفضلَ للمسلم أَنْ لا يَنطقَ بالكفر، وأَنْ يَثبتَ على الإِسلام، حتى لو أَدّى ذلك إِلى قَتْلِه..
قال: ".. وهو دليلٌ على جَوازِ التكلمِ بالكفرِ عندَ الإِكراه..
وإِنْ كانَ الأَفْضَلَ له أَنْ يَتَجَنَّبَهُ عنه، إِعْزازاً للدين، كما فعلَه أَبُو عمار، ولما رُوِيَ أَنَّ مسيلمةَ أَخَذَ رجلَيْن، فقالَ لأَحَدِهما: ما تقولُ في محمد؟
قال: هو رسولُ الله - ﷺ -.
قال: فما تقولُ فِيَّ؟
قال: أَنتَ أَيضاً رسولُ الله!! فَخَلّاه.
وقالَ للآخَر: ما تقولُ في محمد؟
قال: هو رسولُ الله - ﷺ -.
قال: فما تقولُ فِيَّ؟
قال: أَنا أَصَمّ.
فأَعادَها عليه ثلاثاً، فأَعادَ جوابَه، فقَتَلَه..
فبلغَ ذلك رسول الله - ﷺ -، فقال: " أَمّا الأَوّلُ فقد أَخَذَ برخصةِ الله، وأما الثاني فقد صَدَعَ بالحقّ، فَهنيئاً له ".
ولو كان الفادي يَتصفُ بالموضوعيةِ والأَمانةِ العلميةِ لَذَكَرَ كَلامَ
البيضاويِّ كاملاً، وَذكَرَ ما رَجَّحَه البيضاويُّ من أَنَّ الأَفضلَ للمسلمِ أَنْ لا
يأخذَ بالرخصة، وأَنْ يَثبتَ على الحَقّ حتى لو قُتِل! ولكنه غيرُ أَمينٍ على العلمِ
والنقل.
***
العفو عن لغو اليمين
قالَ اللهُ - عز وجل -: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥).
تُخبرُنا الآيةُ أَنَّ اللهَ يَعفو عن لَغْوِ اليَمين، ولا يُؤاخِذُ بها، ولا يُحاسِبُ


الصفحة التالية
Icon