فلا أَدري لماذا ذَكَرَ الفادي الآيتَيْن السابقتَيْن في اعتراضِه على الترخيص
بالكذبِ في الإِسلام.
وكتابُه كُلُّه خَصَّصَه لكشْفِ أَخطاءِ القرآن، فالآيَتانِ في
مَوْضوعٍ آخَر غير الموضوعِ الذي يتحدَّثُ هو عنه.
وزَعْمُ الفادي أَنَّ الإِسلامَ حَلَّلَ الكذبَ وأَباحَه، أَخَذَهُ من حديثِ
رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم.
قال: قالَ الربيعُ بنُ سليمان...
عن أُمِّ كلثوم بنتِ عُقْبَة، قالَتْ: ما سمعتُ رسولَ اللهِ - ﷺ - يُرخصُ في شيءٍ من الكَذِبِ إِلّا في ثَلاث:
كان رسولُ الله - ﷺ - يقول: " لا أَعُدُّه كاذِباً: الرجلُ يُصْلِحُ بينَ الناسِ، يقولُ القولَ ولا يُريدُ به إِلّا الإِصلاح، والرجلُ يَقولُ في الحَرْبِ، والرجلُ يُحَدِّثُ امرأَتَه، والمرأةُ تُحَدّثُ زَوْجَها ".
يُرَخِّصُ الحديثُ بالكذبِ في ثلاثِ حالات: في الإِصلاحِ بينَ الناس،
وفي الحربِ، وفي بعضِ الحديثِ بينَ الزوجَيْن.
ونَسَبَ إِلى الرسولِ - ﷺ - حَديثاً غَريباً، لم يَذْكُرْ مَنْ أَخْرَجَه من أَصحابِ السُّنَن، فقال: " وقالَ محمد: إِذا أَتاكم عَنّي حَديثٌ يَدُلّ على هُدى، أَو يَرُدُّ عن رَديّ فاقْبَلوه، قُلْتُه أَو لم أَقُلْه، وإِنْ أَتاكم عَنّي حديثٌ يَدُلُّ عَلى رَدِيّ، أَو يَرُدُّ عن هُدَى فلا تَقْبَلوه، فإِنّي لا أَقولُ إِلَّا حَقاً "!!.
وهذا حَديثٌ غامض، ومَعناهُ غيرُ واضح، وأَخشى أَنْ يَكونَ من وَضْعِ
الوَضّاعين!.
وقد اعترضَ الفادي على حديثِ الترخيصِ بالكذبِ في الحالاتِ الثلاث
بقوله: " أَلا تَفْتَحُ هذه الأَقوالُ البابَ للكذبِ على مِصْراعَيْه؟
وهل الأَخلاقُ الكريمةُ وصنعُ السَّلامِ يَقومُ على الأَكاذيب؟
وكيفَ يكونُ حالُ بيتٍ يكذبُ فيه الزوجانِ على بَعْضِهِما؟
وكيفَ يكونُ حالُ الأَبناءِ فيه؟..
يقولُ الإِنجيل: وأَمّا الزناةُ والسحرةُ وعَبَدَةُ الأَوثانِ وجميعُ الكذبةِ فَنَصيبُهم في البُحيرةِ بنارٍ وكبريتٍ، الذي هو الموتُ الثاني ".