وكذلك النارُ والنورُ والحرارة، فهي نارٌ، لكنَّها موصوفةٌ بأَنها نورٌ نظراً
لإِضاءَتِها، وموصوفةٌ بالحرارةِ نَظَراً لحرارَتِها، فالنورُ والحرارةُ صفتانِ
لموصوفٍ واحدٍ، هو النار.
إِنَّ المثَلَيْن اللذَيْنِ أَوردَهما الفادي يُوَضّحانِ إِيمانَ المؤمنِ بصفاتِ الله،
كالعلمِ والحياةِ والسمعِ والبَصَر، فهي صفاتٌ لموصوفٍ واحدٍ هو اللهُ سبحانه، ولا يَلْزَمُ من تَعَدُّدِ الصفاتِ تَعَدُّدُ الذات، كما أَنها ليستْ صفاتٍ متميزة، لأَنَّ كُلَّ صفةٍ تَلْحَظُ معنىً من معاني الذات الإِلهية، فصفةُ العلمِ تَلْحَظُ هذا المعنى، وصفةُ السمعِ تَلْحَظُ هذا المعنى، وهكذا باقي الصفات.
ولا تَمَيُّزَ ولا انفصال بين هذه الصفات، وإِنما بينها تكامُلٌ وتَناسُق، لأَنها كُلَّها تَدُلُّ على ما يَتصفُ به اللهُ من صفاتِ الكمالِ والجلال.
ومَنْ قال: إِنَّ صِفَتَي النورِ والحرارةِ متميزَتان؟
إِنهما صِفَتانِ مُتكامِلَتان للنّارِ المشتعلة، لا يُمكنُ التمييزُ بينهما ولا التفريق، فالنُّورُ في النارِ مُتَداخِلٌ مع الحرارة، إِذْ كُلُّ جُزْءٍ من النّار حارٌّ مضيء، وتَجتمعُ فيه الإِضاءَةُ معَ الحرارة!.
أَما الأَقانيمُ الثلاثةُ التي يؤمنُ بها النصارى فإِنَّها ليستْ صفاتٍ لموصوفٍ
واحد، إِنما هي ثلاثَةُ كياناتٍ متميّزة منفصلَة، فالآبُ عندهم هو الله، والابنُ عندهم هو المسيحُ عيسى ابنُ مريم، والروحُ القُدُس عندهم هو جبريل، فهلْ هذه الكياناتُ الثلاثةُ مثلُ: النارِ والنورِ والحرارة، أَو مثلُ الفكرِ والعقلِ والقولِ؟
اللهم لا!!.
مَنْ هم الجاهلونَ إِذَنْ؟
هل هم المسلمون الذين يَقولون: اللهُ أَحَد، اللهُ الصَّمَد، لم يَلِدْ ولم يولَدْ ولم يَكُنْ له كُفُواً أَحَد؟
أَم هم النصارى الذين يقولون: الآبُ، والابنُ، والروحُ القُدُس.
ثلاثةُ أَقانيمَ متميزةٌ غيرُ منفصلةٍ عن الذات الواحدة؟
مع أَنها منفصلةٌ عن الذاتِ الواحدة!!.
وكَذَبَ المفترِي الفادي في اتِّهامِه للقرآنِ وتخطئتِه له، وصَدَقَ اللهُ القائلُ


الصفحة التالية
Icon