واستشهدَ الفادي المفترِي على هذا الفداءِ العجيبِ بالقرآن، حيثُ أَخْبَرَ
أَنَّ اللهَ جعلَ المسيحَ آيةً ورحمة.
قال تعالى: (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (٢١).
فالمسيحُ رحمةٌ من اللهِ للناس، لأَنه فَداهم بنفسِه، ورضيَ أَنْ يُقْتَلَ ويُصْلَبَ ليخلِّصَهم من ذنوبهم!!.
وهذا فهمٌ خاطئ وتفسيرٌ منحرفٌ للآية، فاللهُ أَخبرَ أَنه سيجعلُ المسيحَ - عليه السلام - آيةً منه للناس، لأَنه خَلَقَه بدونِ أَب، وبغيرِ الطريقةِ المعتادةِ للولادةِ والنَّسْل، فكانَ خَلْقُه ونُمُوُّه في رَحِمِ أُمّه آيةً دالَّةً على وحدانيةِ اللهِ وقدرتِه.
واللهُ جعلَه رحمةً منه للناس، وليستْ رحمةُ الناسِ به لأَنه فدى الناسَ بدمِه،
وقُتِلَ وصُلِبَ من أَجْلِهِم، فهذا لم يَحْصُل، وهو الآنْ حَيّ في السماءِ..
إِنما هو رحمةٌ لهم بنبوتِه ورسالتِه، وبالإِنجيلِ الذي أَنزلَه اللهُ عليه ليكونَ هدىً للآخَرين.
وكلُّ رسولٍ أَرسلَه اللهُ رحمةً للذينَ أُرسلَ إِليهم.
ولهذا خاطَبَ اللهُ رسولَنا محمداً - ﷺ - بهذا، فقالَ له: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧).
وأَكَّدَ الفادي فِكْرَه الكنسيَّ في جعْلِ قَتْلِ عيسى وصَلْبِه - كما يَفهمُ
النَّصارى - توفيقاً بين عَدْلِ اللهِ في القصاصِ ورحمتِه بالعفو!
قال: " والمسيحيةُ تَكشفُ الستارَ عن حكمةِ اللهِ المطْلَقَة، فعن طريقِ قُدرةِ اللهِ غيرِ المحدودة جاءَ التّجَسُّدُ، وعن طريقِ الصلبِ جاءَ التوفيقُ بين عدلِ اللهِ الكاملِ ورحمتِه الكاملة.
قالَ الإِنجيل: " إِنَّ الناموسَ بموسى أُعْطيَ، أَما النعمةُ والحقّ فبيسوعَ
المسيحِ صارا.. " أيوحنا: ١/ ١٧، ".
إِننا نرفضُ هذا الفكْرَ الكنسيَّ حولَ الخَلاصِ والتكفيرِ والفداء، لأَننا نؤمنُ
أَنَّ اللهَ عَصَمَ رسولَه عيسى - عليه السلام - من أَعدائِه، فلم يَقْتُلوه ولم يَصلبوه، فليسَ هناك قَتْلٌ ولا صَلْبٌ ولا فداءٌ ولا تكفير!!.
وهذا معناهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ عصى أَو أَذْنَبَ عليه أَنْ يَتوبَ إِلى اللهِ ويَستغفرَهُ،