وقد افْتَرى الفادي على الإِسلام افتراءً آخَرَ عندما زَعَمَ أَنَّ الإِسلامَ يُحَرّمُ
القِتال والقَتْلَ تَحريماً مُطْلَقاً في الأَشهرِ الحُرُم، مهما كانَت الدواعي: " يُحَرِّمُ
الإِسلامُ القَتْلَ والقِتال والثَّأرَ في الأَشهرِ الحُرُم، مهما كانت الدواعي إِلى
ذلك ".
والصحيحُ أَنَّ الإِسلام حرمَ على المسلمين أَنْ يَبْدَؤوا هم بالقتال في
الأَشهرِ الحرم، لكنَّه يُبيحُ للمسلمين أَنْ يُقاتِلوا الكُفارَ في الأَشْهُرِ الحُرُم، إِذا
بدأَ الكفارُ بالقتال، وعلى هذا قولُه تعالى: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤).
ومعنى الآية: التزامُ المسلمينَ بحرمةِ الشهرِ الحرامِ مشروطٌ بالتزامِ
المشركين، لأَنه لا بُدَّ على الطَّرَفِ الآخرِ من الالتزام، فإِذا لم يلتزم المشركونَ بذلك وهاجَموا المسلمين واعْتَدَوْا عليهم، كانَ المسلمون في حِلٍّ من الالتزام، لأَنه لا معنى لأَنْ يُواجِهَ المسلمونَ عُدْوانَ الكافرين بالكَفّ عن
قتالِهم والرَّدِّ على عدوانِهم، لأَنَّ هذا الشهرَ حرام! فالحُرُماتُ قِصاص، بمعنى أَنَّ المسلمين مُلْتَزمون بحرمَتِها إِذا التزمَ الكفارُ بها، فإِن انتهكوا حُرْمَتَها
واعتَدَوْا على المسلمين، جازَ للسلمين قتالُهم، والبادئُ أَظْلَم!.
واستشهدَ الفادي الجاهلُ على حُرْمَةِ الأَشهرِ الحُرُمِ بآيةٍ من سورةِ التوبة،
زَعَمَ أَنها نفسها في سورةِ محمد.
قال: " جاءَ في سورةِ محمد: ٤، وسورة التوبة: ٥: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
وبمراجعةِ سورةِ محمدٍ لم نَجد الآيةَ الرابعةَ فيها بهذا النَّصِّ كما زَعَمَ
المفتري، ونَصُّها هو: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا).
فإِحالةُ الفادي المفتري على آيةٍ ليستْ بالنَّصِّ الذي أَوردَه صورةٌ من صورِ تَحريفِه وتَلاعُبِه بكتابِ الله!.
واستشهادُ الفادي بالآيةِ الخامسةِ من سورةِ التوبة على حُرْمَةِ القتال في