لم يشك الرسول - ﷺ - بالوحىِ
وَضعَ الفادي المفترِي عِنواناً مثيراً هو: " الوحيُ الذي يَشُكُّ فيه مُبَلِّغُه "
اعترضَ فيه على آيتَيْن من القرآن، ووظَّفَهما دليلاً على عَدَمِ نبوةِ محمدٍ - ﷺ -، وعلى سيطرةِ الوساوسِ عليه بشأنِ الوحي:
الأولى: قوله تعالى: (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢).
اعتبرَ الفادي الآيةَ دَليلاً على شَكِّ الرسولِ - ﷺ - بالوحيِ والنبوة، وزعم أَنه ملأَ الحرجُ والشَّكُّ صَدْرَه، وسيطرت الوساوسُ عليه، ولذلك تَدْعوه الآية إِلى إِخراجِ الحَرَجِ من صَدْرِه، وإِزالةِ الشّكّ والوساوسِ عنه!.
ونَقَلَ كَلاماً عن البيضاوي يُؤَيِّدُ ما ذَهَبَ إِليه.
قال: " وقالَ البيضاويُّ في تفسيرِ الآية: (حَرَجٌ منهُ) : أَيْ شَكّ فيه.
فإِنَّ الشّاكّ حَرِجُ الصدْرِ وضَيِّقُ القَلْبِ مَخافَةَ أَنْ يُكَذَّبَ فيه..".
وقد تَصرَّفَ المفْتَرِي في كلامِ البيضاوي! والذي قالَه البيضاويُّ هو:
(فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) : أَيْ: شَكّ، فإِنَّ الشّاكَّ حَرِجُ الصَّدْرِ.
أَو: ضِيقُ قَلْبٍ من تبليغِه، مخافَةَ أَنْ تُكَذَّبَ فيه، أَو تُقَصرَ في القيام بحقِّه..
وتَوجيهُ النهيِ إِليه للمبالغة..".
لا تدلُّ الآيةُ على أَنَّ الرسولَ - ﷺ - كان عندَه شَكّ في الوحْي، كما فهمَ الفادي منها ذلك، إِنما تَنهى الآيةُ الرسولَ - ﷺ - عن التحرج من تَبليغِ الوحْيِ وإِنذارِ الناسِ به: (فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ).
أَيْ: لا تتحرجْ من إِنذارِ الناسِ به..
وفَرْقٌ بين القول: كانَ عنْدَه شَكّ في الوحيِ والنبوة.
وبينَ القول: يَدْعوهُ اللهُ إِلى عدمِ التحرجِ من إِنذارِ الناسِ به!.


الصفحة التالية
Icon