لتَثبتَ عليها الأَقدام، ويتفلَّبُ عليها الحيوان ".
وأَجملَ البيضاويّ تفسيرَ هذه الآياتِ بما فَسَّرَ به آية سورة النحل، فقال: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ) : أَي: كراهةَ أَنْ تَميلَ بكم وتضطرب.
لأَنَّ الأَرضَ قبلَ أَنْ تُخْلَقَ فيها الجبالُ كانت كُرَةً خفيفةً، بَسيطةَ الطبع، وكانَ من حَقِّها أَنْ تتحركَ بالاستدارةِ كالأفلاك، أَو أَنْ تتحركَ بأَدنى سببٍ للتحريك..
فلما خُلقت الجبالُ على وجهِها تَفاوتَتْ جوانبُها، وتوجهَت الجبالُ نحو
المركز، فصارَتْ كالأَوتادِ التي تمنَعُها عن الحركة...
وقيل: لما خَلَقَ اللهُ الأَرضَ جَعَلَتْ تَمور، فقالَت الملائكة: ما هي بِمَقَرّ أَحَدٍ على ظهرِها، فأَصبحتْ وقد أُرسيتْ بالجبالِ...
الآياتُ الخمسُ التي أَوردَها الفادي صريحةٌ في أَنَّ اللهَ جَعَلَ الجبالَ رواسيَ
مُثَبِّتَةً للأَرض، لئلّا تَميدَ الأَرضُ وتضطربَ وتتحركَ بأَهلها، ولولا هذه الجبالُ لاضطربَت الأَرضُ بأَهْلِها.
فهي رَواسٍ تستقرُّ بها الأَرض، وهي أَوتادٌ تُثَبّت الأَرض.
قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧).
ونتحفَّظُ على كلامِ الإِمامِ البيضاويّ، الذي ذَكَرَ فيه أَنَّ الأَرضَ كانت
تَمورُ وتتحرك، لأَنه لا دليلَ له على ذلك، لا من القرآن ولا من السنّة، كما نتحفظُ على كلامِه الذي نَسَبَ فيه للملائكةِ قولَهم: إِنَّ الأَرضَ لا تصلحُ أَنْ تكونَ مَقَرًّاً لأَحَدٍ على ظهرِها! لأَنه لا دليلَ له على هذا الكلام الذي نَسَبَه لهم، لا من القرآنِ، ولا من السنّةِ الصحيحة! ومعلومٌ أَنَّ أَنباءَ الماضي لا تُؤْخَذُ إِلّا من آيةٍ صريحة، أَو حديثٍ صحيحٍ مرفوعٍ للنبي - ﷺ -.
وقد صَدَّرَ البيضاويُّ كلامَه بصيغةِ " قِيلَ "، الدالة على التشكيكِ والتَّوْهين!.
وبعدَ ذلك سَجَّلَ الفادي تَساؤُلَه الخَبيث، فقال: " ونحنُ نسأل: إِذا كان
واضحاً أَنَّ الأَرضَ تَدورُ حولَ نفسِها مرةً كُلَّ أَربعٍ وعشرينَ ساعة، وينشأُ عن تلك الحركةِ الليلُ والنهار، وتَدورُ حولَ الشمسِ مع كل سنة وينشأُ عن ذلك