وبهذا نَعرِفُ أَنَّ اعتراضَ الفادي في غيرِ مكانِه، وأَنَّ تَهَكُّمَه على
القرآنِ لعيبٍ فيه، وأَنَّهُ خَطَّأَ الصّوابَ!!.
***
هل السموات سبع والأراضي سبع؟
اعترضَ الفادي على كونِ السمواتِ سَبْعاً، وأَنَّ كلَّ سماءٍ منها سقفٌ
أَملسُ على وشَكِ السُّقوط، كما اعترضَ على كونِ الأَراضي سَبْعاً، واعتبرَ هذا خطأً في القرآن.
أَوردَ آياتٍ صريحةً في أَنَّ اللهَ خَلَقَ السمواتِ سَبْعاً؟
منها قولُه تعالى:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩).
ومنها قولُه تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا...
ومنها قولُه تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ).
واعترضَ لجهلِه على كونِ السمواتِ سَبْعاً، فقال: " واضحٌ من هذه الآيات، معَ تفسيرِ البيضاويِّ لها، أَنَّ اللهَ خَلَقَ السماءَ التي فوقَنا، وهي سقْفٌ أَمْلَسُ واسع، وفوقَهُ ستّ سموات، كالسُّقوف، بعضُها فوق بعض..
فكيفَ يكونُ الفضاءُ اللّامتناهي سَقْفٌ أَمْلس، وأَنه يوجَدُ فوقه سبعةُ سُقوفٍ من هذا النوع؟! " (١).
واعتراضُه على هذه الحقيقة دال على جهلِه، واعتبارُه هذا خطأً فلكياً في
القرآن بسببِ تحامُلِه وحقدِه على القرآن.
وقد صَرَّحَ القرآنُ بأَنَّ اللهَ خَلَقَ سبعَ سموات، وجاءَ هذا التصريحُ القرآنيُّ
في سبعِ آياتٍ صريحة، وهذا " التَّوافُقُ العدديّ " مقصودٌ في القرآن!.

(١) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
٦٨- القرآن يتناقض مع العلم
إنه جاء فى القرآن أن الله خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن. فكيف يقول عن أرضنا وهى واحدة من ملايين الكواكب - إنه يوجد سبعة مثلها؟
وفى القرآن: (أن السماء سقفاً محفوظاً)، وأن الله يمسكها لئلا تقع. فكيف يقول عن الفضاء غير المتناهى: إنه سقف قابل للسقوط؟
وفى القرآن أن الله زين السماء الدنيا بمصابيح. فكيف يقول عن ملايين الكواكب التى تسبح فى هذا الفضاء غير المتناهى إنها مصابيح؟
الرد على الشبهة:
هذا السؤال مكون من ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول: هو أنه ليس فى العالم سبعة أرضين. فكيف يقول عن الأرض: إنها سبعة كما أن السموات سبعة؟ وقول المؤلف إن الأرض سبعة؛ أخذه من بعض مفسرى القرآن الكريم. وهو يعلم أن المفسرين مجتهدون، ويصيبون ويخطئون. والرد عليه فى هذا الجزء من السؤال هو: أن نص الآية هو: (الله الذى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شىء قدير وأن الله قد أحاط بكل شىء علماً) (١).
إنه أتى ب - (مِنْ) التى تفيد التبعيض؛ لينفى العدد فى الأرض. وليثبت المثلية فى قدرته. فيكون المعنى: أنا خلقت سبع سموات بقدرتى، وخلقت من الأرض مثل ما خلقت أنا السماء بالقدرة. ولهذا المعنى علّل بقوله: (لتعلموا أن الله على كل شىء قدير).
وبيان التبعيض فى الأرض: هو أن السماء محكمة، وأن الأرض غير محكمة. وهى غير محكمة لحدوث الزلازل فيها، وللنقص من أطرافها.
وقد عبّر عن التبعيض فى موضع آخر فقال: (أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها) (٢). والنقص من الأطراف يدل على أن الباقى من الأرض ممسوك بقدرة الله، كما يمسك السماء كلها.
والجزء الثانى: هو أن السماء سقف قابل للسقوط.
والرد عليه فى هذا الجزء من السؤال هو: أن كل لغة فيها الحقيقة وفيها المجاز. والتعبير على المجاز. فإن السماء شبه سقف البيت، والمانع للسقف من السقوط على الحقيقة هو الأعمدة، وعلى المجاز هو الله؛ لأن كل شىء بقدرته. ولذلك نظير فى التوراة وفى الإنجيل: " بالكسل يهبط السقف ". وفى ترجمة أخرى: " من جراء الكسل ينهار السقف. وبتراخى اليدين يسقط البيت " [جامعة ١٠: ١٨] يريد أن يقول: إن الكسل يؤدى إلى الفقر، والفقر يؤدى إلى خراب البيوت. وعبر عن الخراب بانهيار السقف. والسقف لا ينهار بالكسل، وإنما بهدّ الأعمدة التى تحمله. وفى سفر الرؤية: " فسقط من السماء كوكب " [رؤ ٨: ١٠] كيف يسقط كوكب من السماء بغير إرادة الله؟ وفى سفر الرؤية: " ونجوم السماء سقطت " (رؤ ٦: ١٣]، ويقول عيسى عليه السلام: إن العصفور لا يقع إلى الأرض إلا بإرادة الله: " أما يباع عصفوران بفَلْس واحد. ومع ذلك لا يقع واحد منهما إلى الأرض خفية عن أبيكم " [متى ١٠: ٢٩]. وفى الرسالة إلى العبرانيين: " حقاً ما أرهب الوقوع فى يدى الله الحى؟ " [عب ١٠: ٣١].
والجزء الثالث: وهو أنه كيف يقول عن الكواكب إنها مصابيح؟ والمؤلف دل بقوله هذا على إنكار الواقع والمشاهد فى الحياة الدنيا، ودل أيضاً بقوله هذا على جهله بالتوراة وبالإنجيل. ففى سفر الرؤية: " كوكب عظيم متقد كمصباح " [رؤ ٨: ١٠]، "وأمام العرش سبعة مصابيح " [رؤ ٤: ٥]، وجاء المصباح على المجاز فى قول صاحب الأمثال: " الوصية مصباح والشريعة نور " [أم ٦: ٢٣]. اهـ (شبهات المشككين)
__________
(١) الطلاق: ١٢.
(٢) الأنبياء: ٤٤.


الصفحة التالية
Icon