إِنما أُنزلَتْ هذه الآية ُ في الأَنْصار، كانوا يُهلّونَ لمناة، وكانَتْ مَناةُ حَذْوَ قُدَيْد، وكانوا يتحرَّجون أَنْ يَطَّوفوا بينَ الصفا والمروة، فلما جاءَ الإِسلامُ سأَلوا رسولَ اللهِ - ﷺ - عن ذلك، فأَنزلَ اللهُ الآية...
تُصَحِّحُ عائشةُ - رضي الله عنها - لابن أُخْتِها عروةَ بنِ الزبيرِ معنى الآية، فقد فَهِمَ عُروةُ من الآيةِ أَنها تُبيحُ للحاجِّ أَو المعتمرِ عَدَمَ الطَّوافِ بهما، فبيَّنَتْ له أَنَّ الآيةَ توجِبُ عليه الطوافَ بهما، وأَنه لو كانَ مَعْناها كما فَهِمَ عروةُ لقالَتْ: " فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ".
ثم ذَكرتْ عائشةُ - رضي الله عنها - مُناسبةَ نُزولِ الآية، وأَشارَتْ إِلى بعضِ ممارساتِ العربِ الجاهليّين في الحج، فكانَ العربُ من أَهْلِ المدينة لا يَطوفونَ بينَ الصّفا والمروة، فلما أَسْلَموا ورأَوا المسلمينَ من المهاجِرين يَفْعلونَ ذلك
سأَلوا الرسولَ - ﷺ -، فأَنزلَ اللهُ الآيةَ يَأَمرُ المسلمين أَنْ يَسْعَوْا بينَ الصَّفا والمروة، ويُزيلُ التحرجَ الذي كانَ عليه أَهْلُ المدينةِ قبلَ الإسلام: (فَلَا جُنَاحَ عَليهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا).
وبهذا نعرفُ افتراءَ الفادي المفترِي عنْدَما جعلَ السعيَ بين الصَّفا
والمروةِ شعيرةً وثنيةً جاهلية! فهو تَشريعٌ قرآني، وأَمْرٌ ربّاني، وعبادةٌ
خالصةٌ لله!.
***
حول إباحة التجارة في موسم الحج
اعترضَ الفادي على وُرودِ آيةٍ قرآنيةٍ تُبيحُ التجارةَ في موسمِ الحَجِّ؟
لأَنَّ الأَمْرَ سَهْلٌ لا يَستدعي نَصَّ القرآنِ عليه!.
قال: " جاءَ في سورةِ البقرة: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ).
كانَ العربُ في الجاهليةِ يَتَّجرونَ في أَسواق عُكاظ ومَجَنَّةَ وذي المَجاز، وكانَ لهم مواسم، فكانوا يُقيمونَ بعُكاظَ عِشْرِين