هل هذه روايةُ البخاري؟
وهل كان الفادي أَميناً في النّقل؟
لِنقرأ الروايةَ من صحيحِ البخاري، ولْنقارنْ بينَ الكلامِ الذي فيه، والكلامِ الذي نَقَلَهُ الفادي عنه.
روى البخاريُّ عن عائشةَ - رضي الله عنها - قالَتْ: " خَرَجْنا مع رسولِ اللهِ - ﷺ - في بَعْضِ أَسفارِه، حتى إِذا كُنّا بالبَيْداء، أَوْ بذاتِ الجَيْش، انقطعَ عِقْدٌ لي، فأَقامَ رسولُ اللهِ - ﷺ - على الْتماسِه، وأَقامَ الناس معه، ولَيْسوا على ماء..
فأَتَى الناسُ إِلى أَبي بكر الصّدّيق، فقالوا: أَلا ترى ما صَنَعَتْ عائشةُ؟
أَقامَتْ برسولِ اللهِ - ﷺ - والناسِ، ولَيْسوا على ماء، وليس مَعهم ماءٌ.
فجاءَ أَبو بكر، ورسولُ الله - ﷺ - واضع رأسَه على فَخِذي قَدْ نَام، فقال: حَبَسْتِ رسول اللهِ - ﷺ -
والنّاسَ، ولَيْسوا على ماء، وليسَ معهم ماء! فعاتبَني أَبو بكر، وقالَ ما شاءَ اللهُ أَنْ يَقول، وجَعَلَ يَطْعَنُني بيدِه في خاصِرَتي، فلا يَمنعُني من التحرُّكِ إِلّا مَكانُ رسولِ اللهِ - ﷺ - على فَخذي، فقامَ رسولُ اللهِ - ﷺ - حينَ أَصبحَ على غيرِ ماء، فأَنزلَ اللهُ آيةَ التيمّم، فتيمموا..
فقال أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْر: ما هي بأولِ بركتِكم يا آلَ أَبي بكر...
فَبَعَثْنا البعيرَ الذي كنتُ عليه، فأَصَبْنا العِقْدَ تَحْتَه " (١).
الفادي المفترِي حَريصٌ على حَذْفِ كلمةِ " رسولِ اللهِ - ﷺ - من الرواية، ووضْع الاسمِ المجرَّدِ " محمد " مكانَها.
ولو كان أَميناً في النَّقْلِ لَنَقَلَ العبارةَ كما هي، مع أَنه لا يُؤمنُ أَنَّ محمداً هو رسولُ اللهِ - ﷺ -.
وصرَّحَتْ عائشةُ - رضي الله عنها - بأَنَّ اللهَ أَنزلَ آيةَ التيمم في صَباحِ تلك الليلة، فتيممَ المسلمونَ بعدَ نزولِ الآية.
والفادي المفترِي لا يُريدُ الإِخبارَ عن إِنزالِ الوحي من عندِ الله، حتى لو كان يَنْقُلُ من نَصٍّ أَمامَه! ولذلك زَعَمَ أَنَّ محمداً - ﷺ - هو الذي أَمرهم بالتيممِ من عندِ نفسه: " وحَضرت الصبحُ فالتُمِسَ
الماءُ فلم يوجَدْ، فاستَعْوَضَه بالتُّراب "!
وهذه الجملةُ غيرُ مذكورةٍ في الأَصل!
لكنَّها من تلاعُبِ الفادي وتحريفه.
وصحيح مسلم، كتاب الحيض، باب التيمم، حديث رقم: (٣٦٧).