النَّصارى، وأنهم نَقَلوا الصومَ إلى الربيعِ ليكونَ أَسهلَ عليهم، وزادوا عليه
عشرينَ يوماً، فصارَ صِيامُهم خمسينَ يوماً!! ثم نَقَلَ كَلاماً للمؤَرّخِ أَبي الفِداء،
ذَكَرَ فيهِ أَنَّ الصابئينَ كانوا يَصومونَ ثلاثين يوماً، وكانَ صيامُهم من الفجرِ إِلى المغرب! " وقالَ أَبو الفداءِ في تاريخه: وللصّابئين عبادات، منها سَبْعُ
صَلَوات، ويَصومون ثَلاثينَ يوماً، وإِنْ نَقَصَ الشهرُ الهلاليُّ صاموا تسعاً
وعشرين يوماً، وكانوا يُراعون في صومِهم الفِطْرَ والهِلال، بحيثُ يكونُ الفطرُ وقد دَخَلت الشمسُ الحَمَل، ويَصومون من ربعِ الليلِ الأَخيرِ إِلى غروبِ قرصِ الشمس ".
ومعنى كلام أَبي الفِداء أَنَّ الصابئين كانوا يَصومونَ كصيامِ المسلمين،
فكانَ صيامُهم ثلاثين يوماً أَو تسعةً وعشرين يوماً، وكانَ صيامُهم من الفجر
إلى المغرب! وبما أَنَّ الصابئين كانوا قبلَ المسلمين، فإِنَّ المسلمينَ أَخَذُوا
أَحْكَامَ صيامِهم عن أولئك الصابئين!!.
وهذه هي النتيجةُ التي خَرَجَ بها الفادي المفتري!
قال: " ونحنُ نَسْأَل: إِنْ كانَ صيامُ رمضانَ ليس شرعاً جَديداً، ولا هو من الدينِ السماويِّ في شيء، بل هو مأخوذٌ من الصابئين في بلادِ العَرَب، فكيفَ يَقول: إنَّ مَصدَرَه وحيٌ سماوي؟
ولا يوجَدُ دليلٌ واحدٌ على صحةِ القول: إنَّ رمضانَ كُتِبَ أولاً على النَّصارى ".
لم يَثبتْ عندنا بحديثٍ صحيح أَنَّ صومَ رمضانَ كتِبَ على
النصارى، وما ذَكَرَهُ البيضاوِيُّ ليس عليه دَليل معتَمد، ولذلك نتوقَفُ فيه
ولا نَقولُ به.
وقد ذَكَرَ القرآنُ أَنَّ اللهَ كَتَبَ علينا الصيام كما كَتَبه على الذين من قبلِنا.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣).
وهذه إشارةٌ قرآنية مجملَة، لم يَرِدْ حِديثٌ