ولم يَأذَن القرآنُ ولا رسولُ اللهِ - ﷺ - بهذا الضرب، ولم يَصِفْهُ أَيّ عالمِ أَو مفسِّر أَو فقيهٍ بهذا الوصف، ولا يَجوزُ استعمالُ الكرباجِ أَو العصا أَو الرَّجْلِ في ضربِ الزوجة؛ لأَنَّ هذا ضربُ انتقام، وليسَ وسيلةَ تربيةٍ وأُسلوبَ علاج.
إِنَّ ضَرْبَ الزوجةِ الناشزِ كأُسلوبِ علاجٍ لا بُدَّ أَنْ يكونَ ضرباً خفيفاً،
بِكَفٍّ أَو إِصبع، على أن يتجنب الوجه لأنه مكرم عند الله، وعلى أن لا يترك أثراً، وأن لا يكون مبرِّحاً، ونكرر أن معظم الأزواج لا يضطرون إلى هذا الأسلوب مع زوجاتهم، وأنه لا يستعمل إلا في حالات نادرة جدّاً.
***
ماذا بعد الطلقة الثالثة؟
وَرَدَ في القرآنِ أَنه إِذا طَلَّقَ الرجلُ زوجتَه الطلقةَ الثالثة، فإِنّها لا تحلُّ له
إِلّا بعدَ أَنْ تَنكحَ زوجاً غيرَه.
قال تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ).
والمعنى أَنه إِنْ طَلَّقَها زوجُها الطلقةَ الثالثة فإنها لا تحلّ له حتى تنكحَ
زَوْجاً غيرَه، وذلك بأَنْ يتزوَّجَها الثاني، ويدخُلَ بها، ويُجامعَها، فإِنْ طَلَّقَها
زوجُها فلا جناحَ على زوجِها الأَوَّلِ أَنْ يتزوَّجَها من جَديد.
أَما إِذا عَقَدَ الزوجُ الثاني العقدَ عليها فقط، بهدفِ تحليلِ عودتِها إِلى
زوجِها الأَول، ولم يُجامعْها، فهذا لا يَجوز، وقدْ لعنَ رسولُ اللهِ - ﷺ - الرجلَيْن، المحلِّلَ وهو الزوجُ الثاني، والمحلَّلَ له، وهو زوجُها الأَوَّل، وقال - ﷺ -: "لَعَنَ اللهُ المحلِّلَ والمحَلَّلَ له ".
وهذا التشريعُ كُلُّه لم يُعْجب الفادي المجْرِم، وأَثارَ عليه اعْتِراضَه
وإِنْكِارَه، وخَظَأَ القرآنَ، وشَتَمَ رسولَ اللهِ - ﷺ - ببذاءَة.
قال: " ونحنُ نَسأَل: أَلا يَستنكرُ العُقلاءُ هذا النظامَ الغَريب؟
لماذا يُصَرّحُ القرآنُ بصُلْحِ المطَلقةِ