يعترضُ على القرآنِ أَيضاً لأَنه أَباحَ أَخْذَ الغنائم من الكفارِ المعتدين، وقَسَّم
تلكَ الغنائمَ عليهم، وأَعطى النبيَّ جُزْءاً من تلك الغنائم!.
واعتراضُ الفادي مردود؛ لأَنه يعترضُ على أَمْرٍ أَباحَه الله، وَوَرَدَ النصُّ
عليه في كتابِ الله - عز وجل - قال تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩).
***
حول أخذ الجزية من أهل الكتاب
اعترضَ الفادي المفترِي على قولِ الله - عز وجل -: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩).
لأَنَّ الآيةَ تأمرُ المؤمنين بقتالِ الكفارِ من اليهودِ والنصارى من أهلِ الكتاب، وتُبَيِّنُ المبرراتِ التي تَدْعو إِلى قِتالِهم، ولا يتوقفُ قِتالُهم إِلّا بخضوعِهم للمسلمين، ودفعِهم الجزيةَ وهم صاغرون.
ونَقَلَ من تفسيرِ البيضاوي تفسيرَ الآية وبيانَ مَعْناها، ومعنى الجزية،
ومَن الذين تُؤْخَذُ منهم، وكَيفيةَ أَخَذِها منهم، واختلافَ المذاهبِ في ذلك.
وقالَ بعدَ ذلك: " ونحنُ نسأَل: كيفَ يُبيحُ قَوْمٌ لِأَنْفُسِهم أَنْ يُقاتِلوا الناس
باسمِ الدين، ويُخَيِّروهُم بينَ الإِسلام أَو الموت أَو الجزية؟ " (١).
أَيْ أَنَّ الفادي المفترِي لا يُجيزُ قِتال الآخرين، ولا أَخْذَ الجزيةِ منهم؛ لأَنَّ هذا ظلْم لهم واعتداءٌ عليهم.
إنّ قِتالَ الكفارِ من أَهلِ الكتابِ وأَخْذَ الجزيةِ منهم، ليس اجتهاداً من
المسلمين، حَتّى نقولَ: إِنْ هذا اجتهاد خاطِئ، وفَعْلٌ باطل، ولكنَّ هذا أَمْرٌ
صريحٌ من اللهِ سبحانه وتعالى، أَنزلَه في كتابِه الكريم، والمسلمونَ مكُلَّفونَ
بتنفيذِه..

(١) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
١٢٢- تحليل النهب
إن الله حلل الغنائم، وهذا أمر بقتل الناس ونهب أموالهم.
الرد على الشبهة:
إن تحليل الغنائم فى التوراة. ففى سفر التثنية: " وغنيمة المدن التى أخذنا.. الجميع دفعه الرب إلهنا أمامنا " [تث ٢: ٣٥ - ٣٦]، وفى سفر التكوين فى صفات بنيامين: " فى الصباح يأكل غنيمة، وعند المساء يقسم نهباً " [تك ٤٩: ٢٧] أى محارب.
ومن أوصاف محمد رسول الله فى التوراة أنه يقسم غنائم. ففى نبوءة العبد المتألم: " ومع العظماء يقسم غنيمة " [إش ٥٣: ١٢] ولكن النصارى يفسرونها على المسيح مع أنه لم يحارب أحداً. وفى المزمور الثامن والستين عن محمد صلى الله عليه وسلم: " الملازمة البيت تقسم الغنائم " [مز ٦٨: ١٢]. اهـ (شبهات المشككين).


الصفحة التالية
Icon