وقد انتقصَ الفادي المفْتَري رسولَ اللهِ - ﷺ - لأَنه قالَ: " واللهِ لئن أَظْفَرَني اللهُ بهم لأُمَثِّلَنَّ بسبعينَ مكانَك " لأَنه أَخْذٌ بالثَّارِ على الطريقةِ الجاهلية، حيث سيَقْتُلُ سَبْعين شَخْصاً مقابلَ حمزَة - رضي الله عنه -، وقارَنَ بين هذا الموقِف، وموقفِ عيسى - ﷺ -
الذي دَعا فيه إِلى العَفْوِ عن مَنْ أَخْطَأَ على الإِنسانِ سَبْعينَ مَرَّة.
وكَلامُ الفادي مَرْدود، لأَنه مبنيّ على باطِل، فلم يَقُلْ رسولُ اللهِ - ﷺ - " ما نُسِبَ إِليه، وقد رَدَّ المحَدِّثونَ والمفَسّرونَ هذا الحديثَ لأَنه لم يَصِحّ.
قالَ الإِمامُ ابنُ كثير في حُكْمِه على الحديث: " وقالَ محمدُ بنُ إِسحاق:
عن بعضِ أَصحابِه، عن عطاءِ بن يسارِ قال: قُتِلَ حمزَةُ - رضي الله عنه -، ومُثّلَ به يومَ أُحُد، فقالَ رسولُ اللهِ - ﷺ -: لئن أَظْهَرَني اللهُ عليهم لأُمَثِّلَنَّ بثلاثين رَجُلاً منهم، فلما سمعَ المسلمونَ ذلك قالوا: واللهِ لئنْ أظْهَرَنا اللهُ عليهم لنُمَثِّلَنَّ بهم مُثْلَةً لم يُمَثِّلْها أَحَدٌ من العربِ بأَحَدٍ قط، فأَنزلَ الله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ... ) إِلى آخرِ السورة.
وهذا مُرْسَلٌ، وفيه رَجُلٌ مُبْهَمٌ لم يُسَمَّ!!.
وقد رُوِيَ هذا من وجْه آخَر مُتصل.. عن أَبي هريرة - رضي الله عنه -: أَنَّ
رَسولَ الله - ﷺ - وَقَفَ على حَمزةَ بن عبدِ المطلب - رضي الله عنه - حين اسْتُشْهِد، فَنَظَرَ إِلى مُنْظرٍ لم يُنْظَرْ إِلى مَنظرٍ أوجع للقَلْب منه، وقد مُثِّلَ به، فقال: " رحمةُ اللهِ عليك، إِن علمتُكَ إِلّا وَصولاً للرَّحِم، فَعولاً للخَيْرات، واللهِ لولا حُزْنُ مَنْ بَعْدَكَ عليك، لسَرَّني أَنْ أَتركَك حَتَّى يَحشُرَك اللهُ من بُطونِ السِّباع، أَما واللهِ لأُمَثّلَنَّ بسبعينَ كمُثْلَتِك " فنزل جبريلُ - عليه السلام - على محمدٍ - ﷺ - بهذه السورةِ: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)، فكَفَّرَ رسولُ الله - ﷺ - عن يَمينِه، وأَمسكَ عن ذلك ".
وهذا إِسنادٌ فيه ضَعْف، لأَنَّ صالِحاً هو ابنُ بشيرٍ المرّي، ضعيفٌ عند
الأئمة.
وقال البخاري: هو منكرُ الحديث ".
وبَنى الفادي لجهلِه كَلامَه على حديثٍ ضعيفٍ مردودٍ عندَ المحَدّثين،
ورَتَّبَ عليه نتائج، وانتقصَ فيها رسولَ الله - ﷺ -، وبما أَنَّ الأَساسَ الذي اعتمدَ عليه مَرْدود، فكلُّ النتائج التي خرجَ بها مردودة.