فإذا لم يُؤْمن اليهودي أو النصرانيُّ أَو الصابِئُ بالقرآنِ وبالرسولِ - ﷺ - لم يَكُنْ مؤمِناً، ولم يكنْ من أَهْلِ الجنة، لأَنَّهُ فَرَّقَ بين رسلِ الله، فآمَنَ ببعضِهم وكَفَرَ بآخَرين، وهذا هو الكُفْرُ الصريح.
قالَ اللهُ - عز وجل -: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٥٢).
٣ - يَزعُمُ المفترِي أَنَّ رسولَ اللهِ - ﷺ - لما هاجَرَ إِلى المدينةِ واشْتَدَّ ساعِدُه، وتَقَوّى بالأَنْصار، وزادَ عَدَدُ أَتْباعِه، غَيَّرَ أَفكارَه ونظرَتَه إِلى الآخرين، وتَخَلّى عن مسالمةِ الناس، وأَعلنَ الحرْبَ عليهم، وأَمَرَ بقَتْلِ كُلِّ مَنْ كانَ غيرَ مُسْلِم، إِذا لم يَدْفَع الجزية، وكانَ أَمامَهُ أَحَدُ خياراتٍ ثلاثة: الإِسلامُ أَو الجزيةُ أَو القِتال.
وهذا الزعْمُ والافتراءُ يعني أَنَّ محمداً - ﷺ - يُغَيِّرُ مبادِئَه وأَفكارَه من عنْدِه، ويُؤَلِّفُ القرآنَ من عِنْدِه، ويَضَعُ أَحكامَ الإِسلامِ من عنْدِه!.
إِنَّ اللهَ هو الذي أَمَرَ المسلمينَ في مكةَ بكَفّ أَيْديهم عن قتالِ المشركين،
والصَّبْرِ على أَذاهم، وهو سبحانَه الذي فَتَحَ لهم بابَ الفَرَج في المدينة، ونَصَرَ دينَه بالأَنصارِ فيها، وهو الذي أَنزلَ السورَ المدنيّةَ وأَمَرَ فيها بقتالِ المعْتَدين، وَوَرَد هذا في سورِ البقرةِ وآل عمران والنساء والأنفال والتوبة ومحمد والصف وغيرها.
٤ - يَزعمُ المفْتَرِي أَنَّ القرآنَ بدعوتِه إِلى الأُخُوَّةِ الإِسلاميةِ بينَ المسلمين
يَدْعو إِلى هَدْمِ أَركانِ الأُخُوة العامّة، وقَطْعِ أَوَاصرِ المحبةِ وحُسْنِ المعاملةِ بينَ
الناس.
وهذا افتراءٌ منه على القرآن، فدعوةُ القرآنِ إلى تعميقِ وتوثيقِ الأُخوةِ
الإِسلامية بين المسلمين لا تَعْني قَطْعَ الأُخُوَّةِ بين الناس، فاللهُ أَمَرَ المْسلِمين
أَنْ يُوَثقوا صِلَتَهم بغيرهم، ويُحْسنوا معامَلَتَهم، ويُقدِّموا لهم الخير، واعتبرَ