فهل بقيَ بَطْنُ المريضِ بدونِ شِفاء؟
أَمْ شفي بعدَ شُرْبِ العَسَلِ؟
لِنَنْظُر: روى البخاري ومسلم عن أَبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَجُلاً أَتى النبيَّ - ﷺ - فقال: أَخي يَشْتَكي بَطْنَه.
فقال: " اسْقِه عَسَلاً! ثم أَتاهُ الثانية، فقال: اسْقِهِ عَسَلاً، ثم أَتاهُ الثالثة، فقال: اسْقِهِ عَسَلاً.
ثم أَتاهُ، فقال: قد فَعَلْت!
فقال: صَدَقَ اللهُ وكَذَبَ بَطْنُ أَخيك.
اسْقِه عَسَلاً..
فسَقاهُ فَبَرَأ ".
أُصيبَ ذلك الرجلُ بمرَضٍ في بطْنهِ، حيثُ أُصيبَ بالإِسهال - (استطلَقَ
بطْنُه) في روايةٍ ثانيةٍ للحديث - ومعلومٌ أَنَّ المصابَ بالإِسهال يُمْنَعُ عنه الشَرابُ الحُلْو، والعَسَلُ شَرابٌ حلو.
فلما ذَكَرَ أَخو الرجلِ الأَمْرَ للنبيِّ - ﷺ -، طَلَبَ منه
أَنْ يَسقيَه عَسَلاً، على اعتبارِ أَنَّ في العسلِ شِفاءً، ولكنَّ إِسهالَ الرجلِ ازداد، فأَمَرَ النبيُّ - ﷺ - أَنْ يُسقى عَسلاً للمرةِ الثانية، ثم للمرةِ الثالثة، ولكنَّ الإِسهَال لم يتوقَفْ بل ازداد.
فأمَرَ النبيُّ - ﷺ - أَنْ يُسقى عَسَلاً للمرةِ الرابعة، وقال للرجل: صَدَقَ اللهُ وكَذَبَ بَطْنُ أَخيك!..
فلما أُسقيَ العسلَ للمرةِ الرابعة بَرأَ!!.
وكأَنَّ الرسول - ﷺ - يُريدُ أَنْ يَقول للرجل: لقد أَخبرَ اللهُ أَنَّ في العسلِ شِفَاءً للناس، وهو صادِقٌ في إِخبارِه، وبَطْنُ أَخيك كاذب، لأَنه لم يَشْفَ بعدَ شُرْبِ العسلِ ثَلاثَ مَرّات، ولا بُدَّ أَنْ يَشفى! ولعلَّ السببَ في أَنَّه لم يَشْفَ إِلّا في المرةِ الرابعةِ أَنَّ الميكروباتِ المسبِّبَةَ للإِسهال كانت متمكِّنَةً من بَطْنِه، فاحتيجَ إِلى جرعاتٍ كثيرةٍ من العسل للقَضَاءِ عليها.
وتُعْجِبُكَ الثقةُ المطلقةُ من الرسول - ﷺ - بالقرآن، بحيثُ أَيْقَنَ يَقيناً جازماً أَنَّ العسلَ لا بُدَّ أَنْ يشفيَ للرجلِ بَطْنَه بإِذْنِ الله، وبما أَنَّ بَطْنَه لم يتجاوَبْ مع العسل فهو كاذب! وقد بَرَأَ الرجلُ بعدَ ذلك، لما قضى العسلُ على المسبِّبِ للإِسْهال.
ونحنُ نَقْتَدي برسولِ الله - ﷺ - في تصديقِنا المطلَقِ بالقرآن، فنقول: صَدَقَ اللهُ وكَذَبَ الفادي المفتري! ففي العَسَلِ شِفاءٌ للناس.
وبقيَ أَنْ نُشيرَ إِلى أَنَّ القرآنَ لم يَقُلْ: إِنَّ العسلَ شفاءٌ لكلِّ الأَمراض،
إِنما ذَكرَ أَنه شِفاءٌ لبَعْضِ الأَمراض: (فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ)، ولو كانَ العسلُ شِفاءً لكُلِّ الأَمراضِ لقال: " هو الشِّفاءُ للناس "! (١).