فإِذا كانَ الحَدَثُ قد تَمَّ بأَمْرِ الله، القادرِ على كُلِّ شيء، فليس فيه ما
يَدْعو إِلى الاستغراب أَو الاعتراضِ أَو التكذيب، لأَنَّ اللهَ فَعّالٌ لما يُريد، ولا
يُعجزُه شيءٌ في الأَرضِ ولا في السماء.
أَسندَ القرآنُ الحادثةَ إِلى اللهِ سبحانَهُ: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ... )، فاللهُ هو الذي أَسْرى بعبدِه محمدٍ - ﷺ -، ثم عَرَجَ به إِلى السماء، ثم أَعادَهُ إِلى مكة، ولا يُسْتَبْعَدُ صدورُ ذلك الحدَثِ عن اللهِ العليِّ العظيم.
وإِنكارُ الفادي المفترِي للحَدَث، تكذيبٌ منه للهِ وللرسولِ - ﷺ - وللقرآن، وهذا كُفْرٌ منه بالله - عز وجل -.
أَمّا نحنُ فإننا نؤمنُ أَنَّ الحَدَثَ وَقَع، كما أَخْبَرَ اللهُ عنه.
ومن أَدِلَّةِ الفادي على عَدَمِ وُقوعِ حادثةِ الإِسراءِ والمعراج عَدَمُ وُجودِ
شُهود، شاهَدوا الرسولَ - ﷺ - عندَ إِسرائِه ومِعْراجِه، ومن شروطِ المعجزةِ عندَه حتى يُؤْخَذَ بها أَنْ يشاهدها الناسُ ويَشْهَدوا عليها!.
ولا أَدري من أَيْنَ جاءَ المفترِي بهذا الشَّرْط! فهناكَ مُعجزاتٌ شاهدَهَا
أُناس، وهناك معجزات لم يُشاهِدْها أَحَد.
إِنَّ نُزولَ جبريلَ بالوحي على أَيّ رسولٍ من رسلِ اللهِ معجزةٌ شخصية، لم يُشاهِدْها أَحَد، ومع ذلك آمَنَ بها المؤمن!.
ويكفي لثُبوتِ المعجزةِ عندنا ذِكْرُها في القرآن، أَو فيما صَحَّ من حديثِ
رسولِ الله - ﷺ -.
فصحةُ النقل عندَنا هي شرطُ المعجزة، وبما أَنَّ معجزةَ
الإسراءِ والمعرَاجِ مذكورةٌ في القرآنِ والسنة فنُثبتُ وُقوعَها ونَجزمُ بذلك.
وخَطَّأَ المفترِي القرآنَ في ذِكرِه المسجدَ الأَقصى: (أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا... ).
فكيفَ يجعلُه مَسْجِداً ولم يكنْ له وجودٌ ليلةَ الإِسراء، وكيفَ يكونُ رسولُ - ﷺ - قد صَلّى فيه، ورأى أَبوابَه ولم يَكُنْ مَبْنِيّاً، لأَنه بُنِيَ في خلافةِ الوليدِ بنِ عبدِ الملك؟.
وتَخطئَتُه دَليلُ جهْلِه فلم يكنْ بِناءُ المسجدِ الأَقصى زمنَ الوليدِ بنِ
عبدِ الملك، وإِنما كانَ بناؤُه قبلَ الإِسلامِ بمئاتِ السّنين.


الصفحة التالية
Icon