ببعضِ الكراماتِ المعْجزات، في مقدمتِها أَنه جعلَهم يَنامونَ ثلاثَمئةٍ وتسعَ
سنوات، بدونِ موتٍ أَو تَعَفُنٍ أَو فساد، ثم أَيقَظَهم من نومِهم لفترةٍ قصيرة، ثم أَماتَهم الموتَ الحقيقي.
قال تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (٢٥).
ويُنكِرُ الفادي المفترِي صحةَ ذلك، ويَعْتَبِرُه مُتَناقِضاً مع العلمِ
والعَقْل، إِذْ كيفَ يَنامونَ ثلاثمئةٍ وتسعَ سنوات، بدونِ أَكْلٍ ولا شُرْبِ ولا
مَشْيٍ ولا تَبَولٍ ولا تَبَرُّز؟!.
ولو كانَ الأَمْرُ عادياً وفقَ مألوفِ الناسِ وعاداتِهم لقُلْنا: هذا مستحيلٌ
وغيرُ معقول.
ولكنَّه من أَمْرِ الله، واللهُ فَعَّالٌ لما يريد، وهو معجزةٌ خارقةٌ
للعادة، ولو لم تكن خارقةً لما كانَتْ معجزة.
شاءَ اللهُ أَنْ يُبْقِيهم نائمينَ هذه المدةَ الطويلة، وهَيَّأَ الأَمورَ حولَهم لئلا
يَبْلوا ويَتَعَفَّنوا، فضربَ على آذانِهم، وفَتَحَ عيونَهم، وجعلَ الشمسَ تَميلُ عنهم في الصباحِ ذاتَ اليمينِ، وتبتعدُ عنهم عند المساءِ ذاتَ الشمال، حتى لا تُؤْذيهم بأَشعتِها وحرارتِها، وقَلَّبَهم على الأرضِ ذاتَ اليمين وذاتَ الشمال، لئلا تَقْضي عليهم الرطوبةُ والعَفَن...
ثم بَعَثَهم بعدَ ذلك من نومِهم وأَيقظَهم...
وطالما أَنَّ الأَمْرَ معجزةٌ خارقة، من فِعْلِ اللهِ سبحانه، فلا استبعادَ أَو إِنكارَ له.
والفادي المفترِي دائمُ الافتراءِ والتلاعب والتحريف، فاللهُ يقولُ عن
أَصحابِ الكهف: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)، وقد أَسندت الآيةُ تَقْليبَهم إِلى الله، لأَنَ الأمْرَ معجزةٌ وليس عادياً..
ولكنَّ الفادي أَسندَ التقليبَ إليهم، فقال: تحسبُهم أَيقاظاً وهم رُقود، يتقلَّبون ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمال!! وفَرْقٌ بعيدٌ بين قولِ الله تعالى: (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ)، وبينَ قولِ المفتري
المتلاعِب: " يَتَقَلَّبونَ ذاتَ اليمين.. "!!