صرَّحَ القرآنُ بأَنَّ الإِسلامَ الذي جاءَ به رسولُنا محمدٌ - ﷺ - وحدَه الدينُ المقبولُ عند الله، قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ).
وهذا مَعناهُ أَنَّ أَيَّ دينٍ آخَرَ غيرِ الإِسلامِ لا يُقْبَلُ من صاحبِه، أَيْ أَنه
كافرٌ مخلَّدٌ في نار جهنم، قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)
ولم يُصرحِ القرآنُ بأَنَّ اليهودَ والنَّصارى مؤمنون حتى نَتَّهِمَه بالتعارض.
والآيةُ التي أَوردَها الفادي أَخْطَأَ - كعادَتِه - في فَهْمِها: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩)
ف (الَّذِينَ آمَنُوا) : المرادُ بهم أُمَّةُ محمدٍ - ﷺ -.
و (الَّذِينَ) : في محل نصبِ اسْمِ " إِنَّ ". وخَبَرُ " إِنَّ " محذوف.
والتقدير: إِنَّ المؤمنين فائزون مُخَلَّدون في الجنة.
والواوُ في (وَالَّذِينَ هَادُوا) : حَرْفُ استئناف.
وبَعْدَها جملة استئنافيةٌ جديدة.
(اَلَّذِينَ هَادُوا) : في مَحَلّ رفع مبتدأ.
(وَالصَّابِئُونَ) : معطوف على المبتدأ مرفوع.
(وَالنَّصَارَى) : مَعطوف عليه مرفوع أَيضاً.
و (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) : في محلِّ رفْع خَبر.
والتقدير: واليهودُ والصابئون والنصارى المؤمنُ باللهِ واليومِ
الآخر منهم هو المقبولُ عند الله.
إِنهما جملَتان مستقلَّتان إِذَنْ: الجملة الأولئ: (إِنَّ اَلَّذِينَءَامَنُوا)
أَيْ: إِنَّ المؤمنينَ مقبولون.
والجملةُ الثانية: (وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ... )
أَيْ: إِنَّ المقبولَ من هذه الأَصنافِ الثلاثة هو المؤمنُ باللهِ
واليومِ الآخر، فإِنْ لم يكنْ مؤمناً باللهِ واليومِ الآخِر لم يُقْبَلْ منه شَيءٌ.
ومتى يكَونُ اليهوديُّ والنصرانيُّ والصابئيُّ مؤمِناً باللهِ واليومِ الآخِر؟
لا يكونُ كذلكَ إِلّا إِذا آمَنَ بأَركانِ الإِيمانِ الستة: الإِيمانِ باللهِ، وملائكتِه،
وكتبه، ورسلِه، واليومِ الآخر، والقَدَرِ خيرِه وشَرِّه..
لأَنَّ الإِيمانَ لا يَقبلُ التجزئةَ، وتحقيقَ بعضِه وإِنكارَ بعضه.