وهذه السَّبِيَّةُ تكونُ مِلْكاً له، لأَنه سيدُها والمسؤولُ عنها، ولذلك أَطْلَقَ
عليها القرآنُ (مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، وهو يُلَبّي لها حاجاتِها الجنسيةَ بالإِضافةِ إِلى باقي حاجاتِها.
لكن متى يُعاشرُ المسلمُ سبيتَه؟
ليس بمجردِ حصولِه عليها، ولكنْ بعدَ أَنْ " تَحيضَ " حيضةً عنده، وذلك " لاستبراءِ " رَحِمها، لأَنَّ مجيءَ الدورةِ الشهريةِ لها معناهُ أَنها ليستْ حامِلاً من زوجِها الكافر، فإِنْ كانَتْ " حامِلاً " لا يُعاشِرها سيدُها إِلّا بعدَ ولادتِها.
وبهذا نعرفُ كَذِبَ الفادي المفترِي عندما قال: " أَباحَ محمدٌ لأَتْباعِه
الدخولَ على الأَسيرات دونَ تطليقهِن من أَزواجهنّ ".
فالمسلمُ لا يُعاشرُ أَمَتَه إِلّا بعدَ حيضتِها.
ومعلوئم أَنَّ وُقوعَها في السَّبْيِ - وهي المحاربةُ للمسلمين -
يُنهي علاقَتَها بزوجِها الكافر، ولا تَحتاجُ إِلى تطليق منه!.
وهذا معنى كلامِ البيضاوي: " ما ملكتْ أَيمانُكم، من اللّاتي سُبينَ ولهنَّ
أَزواجٌ كُفار، فهنَّ حَلال للسّابين، والزواجُ مرتفعٌ بالسبي ".
ونُزولُ الآيةِ في سَبايا " أَوطاس " كما ذَكَرَ البيضاويُّ صحيح.
روى مسلمٌ عن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أَنَّ أَصحابَ رسولِ الله - ﷺ - أصابوا سَبْياً يومَ أَوطاس، لهنَّ أَزواجٌ من أَهْلِ الشرك، فكانَ أُناسٌ من أَصحابِ رسولِ اللهِ - ﷺ -
كَفّوا وتَأَثَّموا من غِشيانِهنّ، فنزلَتْ هذه الآية.
وروى الترمذي الحادثة بلفْظٍ آخر، عن أَبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - قال: أَصَبْنا سَبْياً من سَبْي أَوطاس، ولهنَّ أَزواج، فكَرِهْنا أَنْ نَقَعَ عليهنَّ ولهنَ أَزواج، فسأَلْنا النبيَّ - ﷺ -، فنزلَتْ هذه الآية...
وكانتْ غَزوةُ أَوطاس في السنةِ الثامنةِ من الهجرة بعدَ غزوةِ حنين، وقد
هُزِمَ فيها جيشُ المشركين، ووقعَتْ بعضُ المشركاتِ المحارباتِ في الأَسْر،
فأَخذهنَ المسلمون سبايا، ووَزَّعَهُنَ رسولُ اللهِ - ﷺ - على المجاهدين، وكان بعضُهنَّ متزوجاتٍ من المشركين، فتحرَّجَ بعضُ المسلمين عن معاشرتِهن،