على الشاطئ، أَخذوه وحَنَّطوه، ووَضعوهُ فِي تابوتِهِ، ودَفَنُوهُ في مدافنِ الملوك في وادي طيبةَ عاصمتهم.
واكتشفَ علماءُ الآثارِ جُثَّتَه، واسْتَخْرَجوها من المدافن، وعُرِضَتْ في متحفِ الآثار، وأَبقى اللهُ جثةَ فرعونَ آيةً على مدارِ القرون، وما زالتْ آيةً تنشرُ دروسَها وعِبَرَها بعد مرورِ آلافِ السنين على موتِ صاحبها!.
وبهذا نعرفُ التوافقَ بين قولِه تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً)، وقوله تعالى: (فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا).
رابع عشر: السماء والأرض أيهما خلقت أولاً؟ :
زَعَمَ الفادي الجاهلُ أَنَّ القرآنَ مُتناقضٌ في حديثِه عن خَلْقِ السماءِ
والأَرض، ففيه آياتٌ تُخبرُ أَنَّ الأَرضَ خُلِقَتْ أَولاً، وفيه آياتٌ تُخبرُ أَنَ السماءَ خُلقتْ أوَّلاً.
فأَيهما خُلقتْ أَولاً؟.
سَجَّلَ الفادي آياتٍ من سورةِ فُصِّلَتْ، على أَنَّ اللهَ خلقَ الأَرضَ أَوَّلاً.
قال تعالى: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢).
وسجلَ مقابلَها آياتٍ من سورةِ النازعات، على أَنَّ اللهَ خلقَ السماءَ
أَوَّلاً.
قال تعالى: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (٣٢) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٣).
وانطلاقاً من القاعدةِ اليقينيةِ من أَنه لا تَناقُضَ في القرآن، فمن الواجبِ
إِمعانُ النظرِ في هذه الآيات، والجمعُ بينها، وإِزالةُ التناقضِ الظاهري عنها.
توحي لنا آياتُ القرآنِ على أَنَّ خَلْقَ السمواتِ والأَرضِ كان على
مرحلتَيْن: