يَرى الفادي أَنَّ هامانَ لا يُمكنُ أَنْ يكونَ وزيراً لفرعون، للفرقِ بينهما
في الزمانِ والمكان، ففرعونُ كانَ زَمَنَ موسى - ﷺ -، وهامانُ كان وزيراً للملكِ " أَحشويرش "، وذلك بعدَ حوالي أَلْفِ سنة من وفاةِ فرعون!!.
وأَخَذَ الفادي معلوماتِه من سِفْرِ أَستيرَ في العهدِ القديم، وهو السّفْرُ الذي
كَتَبَه أَحبارُ اليهود، وسَجَّلوا فيه التفاصيلَ المثيرةَ لاستيلاءِ اليهودِ على الحكمِ
في بلادِ فارس، وإِبادةِ خصومِهِم من الفرسِ الوطنيّين.
وخلاصَةُ سِفْرِ أَستيرَ أَنَّ " هامانَ " كانَ وزيراً عند الملكِ الفارسيِّ
أَحشويرش، وكان اليهوديُّ " مردخاي " يَعملُ عند الملِك، وحصلَ نزاعٌ بينَ هامانَ الفارسيِّ ومردخاي اليهودي، وتمكنَ مردخايُ من توصيلِ ابنةِ أَخيه الفاتنةِ " أَسْتير " إِلى الملك، حيثُ تزوجَها، وتمكَّنَ هامانُ من إِقناعِ الملكِ بإِصدارِ أَمْرِه بقتْلِ اليهودِ في الدولةِ الفارسية، لما يقومون به من إِفسادٍ
وتخريب..
لكنَّ الملكةَ أَستير وعَمَّها مردخاي تمكَّنا من إِلغاءِ الأَمْرِ الملكيّ
السابق، وإِصدارِ أَمْرٍ مَلَكي آخر، بإِبادةِ مَنْ كانوا مع هامان، وقَتَلَ الملكُ
وزيرَه هامان، وقَضى على رجالِه، وانتصرَ اليهودُ في صراعِهم مع الفرسِ
الوطنيين، وتحكَّموا في الدولةِ الفارسيةِ إِلى حين، وخَلَّدَ الأَحبارُ اليهودُ مؤامرةَ أَستير، بأَنْ جَعَلوها أَحَدَ أَسفارِ التوراة.
ونحن نتوقَّفُ في قَبولِ أَخبارِ سِفْرِ أَستير، فلا نُصدقُها ولا نُكَذّبُها، وهذا
موقفُنا من أَخبارِ وأَحداثِ العهدِ القديم ورواياتِ الإِسرائيليات، الذي أَرشدَنا إِليه رسولُ اللهِ - ﷺ -، حيثُ قال: " إِذا حَدثَكم بنو إِسرائيل، فلا تُصَدِّقوهم ولا تُكَذِّبوهم، فإِنكم إما أَنْ تُصَدِّقوا بباطِل، وإِمّا أَنْ تُكَذِّبوا بحَقّ "!..
ومعلومٌ أَنَّ أَحبارَ اليهودِ هم الذين أَلَّفوا وصاغُوا وكَتَبوا أَسفارَ العهدِ القديم، وأَنَّهم مَلَؤُوها بالافتراءِ والكذبِ والادعاء، ونَسَبوها إِلى اللهِ زوراً وبُهتاناً، فهم ليسوا


الصفحة التالية
Icon