يُطَلقَها نهاهُ عن ذلك، وقال له: أَمْسِكْ عليك زوجَك واتقِ اللهَ فيها.
وأَخبرَ اللهُ رسولَه - ﷺ - أَنَّ الحياةَ الزوجيةَ لن تستمرَّ بينهما، وأَنَّ زيداً سيُطَلِّقُ زينب، وأَنه هو الذي سيتزوَّجُ زينبَ بعد تطليقِ زيدٍ لها، وذلك لإِبطال كُلِّ آثارِ التبني...
وكان - ﷺ - يَعلمُ أَنَّ قَدَرَ اللهِ لا بُدَّ أَنْ يَتم، وصارَ يفكرُ في ما سيقولُه عنه الناس بعد زواجِه بزينب.
وطَلَّقَ زيدٌ زينب، ولما انتهتْ عِدَّتُها أَمَرَ اللهُ رسولَه - ﷺ - أَنْ يتزوَّجَها، وأَثارَ المنافقون الخبثاءُ الشبهاتِ ضدَّ الرسولِ - ﷺ -، وقالوا: لقد تزوَّجَ مُطَلَّقَةَ ابنهِ زيد!.
فأَنزلَ اللهُ الآيةَ، لإِبطالِ تلك الشبهات، وبَيَّنَ حكمةَ ذلك الزواج " قال
تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٣٧) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٣٩) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٤٠).
ذَكرت الآية ُ ما قالَه الرسولُ - ﷺ - لزيد: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ).
ومعنى قوله: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) : تُخْفي في نفسِك ما
أَخبرَكَ اللهُ به، من أَنَّ زيداً سَيُطَلِّقُ زينبَ، وستتزوجُها أَنت من بعدِه بأَمْرِ الله.
واللهُ سيُبدي هذا الأَمْرَ ويُظهِره للناس، وسيتمُّ الطلاقُ، وستتزوَّجُها أَنت فعلاً.
ومعنى قوله: (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) : تُفكرُ في كلامِ الناسِ
وشبهاتِهم واتهاماتِهم لك، ولحسبُ لهم حِساباً، مع أَنَّ الأَوْلى أَنْ لا تخشى
الناسَ، وأَن لا تهتمَّ بما سيقولونَه عنك، لأَنك على صواب، واللهُ هو الأَحَقُّ
أَنْ تَخْشاه.