كانت قُبيلَ غزوةِ بَدْر، والتي أَدَّتْ إِلى قَتْل رجلٍ مشركٍ خطأً، في أَولِ يومٍ من أَيامِ شهرِ رجبَ الحرام.
وقد سبقَ أَن اعترضَ الفادي المفترِي على هذه الحادثة، ورَدَدْنا على مغالطاتِه، وبَيَّنّا حقيقةَ أَحداثِ تلك السَّريَّة، ومعنى الآية (٢١٧) من سورة البقرة التي أُنزلَتْ بشأنِ تلك الأَحداث، وللرَّد على شبهاتِ الكافرين.
فلا داعيَ لإِعادَةِ كلامِه عن الحادثة، وإِعادَةِ توضيحِنا لمجريات الحادثة.
والذي نُشيرُ إِليه هنا هو عباراتُ المجرمِ الاستفزازيةُ، التي يُهاجمُ فيها
رسولَ الله - ﷺ -، ويَصِفُه بأَقبحِ الصفات.
من ذلك قولُه في بدايةِ حديثهِ عن أَحداثِ السَّرِيَّة: " حَرَّمَت الجاهليةُ القِتَال في الأَشهرِ الحُرُمِ كما حَرَّمَه القرآنُ في سورة محمد، الآية (٤).
ولكنَّ محمداً خالَفَ كُلَّ هذا في سبيلِ الغَدْرِ بأَعدائِه ".
المجرمُ يتهمُ الرسولَ - ﷺ - بالغَدْرِ، مع أَنَّ الغَدْرَ خُلُقٌ ذَميمٌ وفعْلٌ قَبيح، يُنَزَّهُ عنه المسلمُ العادي، فكيفَ برسولِ اللهِ - ﷺ -؟!.
وقد شهدَ للرسولِ - ﷺ - بعدمِ الغدرِ عَدُوُّه اللَّدودُ أَبو سفيان، ففي السنةِ السابعةِ من الهجرة الْتقى أَبو سفيان بملكِ الروم هرقل، فسأَلَه عن الرسولِ - ﷺ -: هل يَغْدِر؟
فقالَ أَبو سفيان: لا.
فقالَ هِرَقْل: وكذلك الرسلُ لا يَغْدِرون..
ويأتي هذا المجرمُ ليتهمَ رسولَ الله - ﷺ - بالغَدْرِ!.
ويَجمعُ الفادي بينَ الإِجرامِْ والجَهْل، ومِن جهلِه زَعْمُه أَنَّ الآية الرابعةَ
من سورةِ محمد تُحرّمُ القتالَ في الشهرِ الحرام.
فلْنقرأ الآيةَ ونَنظرْ مدى صحةِ كَلامِه.
قال تعالى: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤).
أَينَ الكلامُ عن حُرمةِ القتالِ في الأَشهرِ الحُرُمِ فِي الآية؟
وكيفَ اعتبرَها