من نخيلٍ وعنبٍ تتفجرُ الأَنهارُ خلالَها، أَو يُسقطَ السماءَ عليهم، أَو يصعدَ هو في السماء، وَيَنْزِلَ عليهم منها بكتابٍ خاص، موجَّهٍ من الله لهم،..
ورَدَّ على هذه الطلباتِ التعجيزيةِ بقولِه لهم: سبحانَ رَبّي، هل كنتُ إلّا بشراً رسولاً.
أَيْ ما أَنا إِلا بَشَرٌ رسول، لا دَخْلَ لي في المعجزات، فأَنا لا أَختارُها
ولا أَفْعَلُها؛ لأَنَّها عند الله، يُنزلُ عليَّ ما شاءَ منها، وأَنا أُقدمُ لكم ما آتاني
منها.
وقد فهمَ الفادي الجاهلُ الآياتِ فهماً خاطئاً، وجعلَها دالَّةً على عَدَمِ
نبوَّتِه.
قال المجرم: " ونحن نسأل: أَلم يكنْ موسى وإِيليا وأَليشع ودانيال من
البشر الرُّسُل؟
ومع ذلك كانوا أَصحابَ معجزات، فإِنْ كانَ محمدٌ صاحبَ
رسالةٍ سماويةٍ فلماذا لا تساندُ السماءُ رسالتَه؟! ".
إِنَّ الجاهلَ يَظُنُّ أَنَّ رسولَ الله - ﷺ - بدونِ معجزات، ولو كانَ اللهُ أَرسلَه لسانَدَه وأَيَّدَه بها، وهذا ظَنٌّ باطلٌ وَقَعَ فيه المفترِي الجاهل!
لقد آتى اللهُ رسولَه - ﷺ - أَعظمَ آيةٍ عقليةٍ بيانية، مستمرةٍ حتى قيامِ الساعة، وهي القرآنُ العظيم..
كما آتاهُ كثيراً من الآياتِ الماديةِ المحسوسة، مثلُ: شَقِّ صَدْرِه، والإِسراءِ والمعراج، وانشقاقِ القمر...
والجاهلُ مصممٌ على جَهْلِه وافترائه، وسوءِ فهمِه للحقائق، ولذلك ذَكَرَ
سبْعَ آياتٍ متفرقة، واعتبرَها دَليلاً من القرآنِ على أَنَّ الرسولَ - ﷺ - لم يُؤْتِه اللهُ أَيةَ معجزة!.
الآياتُ التي أَساءَ فَهْمَها والاستدلالَ بها هي:
١ - قولُه تعالى: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٥).