وقد سبقَ أَنْ ناقشْنا الفادي المفترِي في مسألةِ سِحْرِ رسول الله - ﷺ -، وأَنَّ السحرَ لم يُؤَثّرْ إِلّا في جانبٍ من بَدَنِه، وأَنَّ ذلك لم يستمرَّ إِلّا ساعات، ثم عافاهُ اللهُ منه!.
وهذا معناهُ أَنَ رسولَ اللهِ - ﷺ - لم يكُنْ مَريضاً، ولم تُؤَثَرْ فيه الساحرات، ولم يكنْ مغلوباً على عَقْلِه، وما كلامُ الفادي السابقُ إِلّا افتراءً كبيراً.
٤ - أُذُن: اتهمَ المنافقونَ الرسولَ - ﷺ - بأَنه أُذُن، أَيْ أَنه ساذجٌ مُغَفَّل، يُصَدِّقُ كُلَّ ما يَسمع، ويُمكنُ خِداعُه بسهولةٍ، وقد ذَكَرَ القرآنُ هذه التهمة ثم رَدَّ عليها.
قال تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ).
ونَقَلَ الفادي كلامَ البيضاويّ في معنى الآية.
ونَقَلَ ما قالَه المنافقون في اتهامِهم له: " روِيَ أَنهم قالوا: محمدٌ أُذُنٌ سامِعَة، نقولُ ما شئْنا، ثم نأتيه فيصدّقُنا بما نَقول ".
وذِكْرُه لقولِ المنافقين، وسكوتُه عنه، إِقرارٌ منه له.
أَيْ أَنّ الفادي المفتريَ مع المنافقينَ في اتهامِ الرسولِ - ﷺ - بأَنه أُذُنٌ ساذج، يَسهلُ خداعُه!.
وما أَجملَ ما رَدَّ به القرآنُ هذه التهمةَ: إِنَّه - ﷺ - أُذُنُ، يُحسنُ الاستماعَ بأُذُنِه، ويَعي ما يسمَعُه..
وقد استمعَتْ أُذُنُه الشريفةُ القرآنَ من جبريلَ - عليه السلام -، ثم قَدَّمَه للمسلمين، وبهذا كان أُذُنَ خيرٍ للمؤْمنين.
وقد كان رسولُ اللهِ - ﷺ - أَذكى الناسِ، وأَكْثَرَهم فِطْنَة، وأَرجَحَهم عَقْلاً، مُنَزَّهاً عن السذاجةِ والبَلاهةِ والغَفْلة.


الصفحة التالية
Icon