يعترفُ رسولُ اللهِ - ﷺ - أَنه كانَ يُعاني شِدَّةً من نُزولِ الوحي عليه، وتشهدُ عائشةُ - رضي الله عنها - لذلك بأَنها رأَتْه يَنزلُ العرقُ من جبينِه في اليومِ الشديدِ البَرْد.
لكنَّ هذه الشدةَ التي كانتْ تقعُ به عندما يَغشاهُ الوحيُ، لم تُؤَدّ إِلى تَغَيُّرِه
هو في بَدَنِه وجسْمِه، وفي نَفسيَّتهِ وأَعصابه، ولم تتغيَّرْ صورتُه تغيُّراً سلبيّاً.
وقد كانَ الفادي بَذيئاً فاجرا عندما شَبَّهَ صورَتَه بصورةِ السكران، وصورةُ
السكران صورةٌ كريهةٌ مُقَزّزة، وكيفَ تُشَبَّهُ بها صورةُ أَشرفِ الخلقِ وأَكرمِهم وأَطيبِهم - ﷺ -، وهو في أَشرفِ أحوالِه، حيث يتلقّى كلامَ الله وهو في غايةِ السعادةِ والسرور، والوعي والانتباه..
لكنّ الفادي مجرمٌ مفتر، قالَ كَلاماً لم يَقُلْهُ أَحَدٌ من المسلمين.
وافترى المفترِي افْتراءً آخَرَ عندما نَسَبَ لعلماءِ المسلمين قولَهم: إِنَّ
رسولَ الله - ﷺ - كان يُؤْخَذُ من الدنيا! أَيْ أَنّه كان يَغيبُ عن الدنيا بفكْرِه وعَقْلِه، ويَسرحُ في تخيّلاتِه..
ونأخذُ من كلامِ رسولِ الله - ﷺ - أَبلغَ رَد على هذا، حيثُ كانَ يركزُ على وَعْيِهِ وحُضورِه وانتباهِهِ، للدلالةِ على أَنه يعيشُ الحَدَثَ بكيانِه كُلّه: " فيفْصمُ عنّي وقد وعيتُ ما قال ".
٣ - غطيط الرسول - ﷺ - عند الوحي:
نَسَبَ الفادي إِلى أَبي هريرة - رضي الله عنه - قولَه: " كانَ محمدٌ إِذا نَزَلَ عليه الوحْيُ استقبلَتْهُ الرّعْدَة.
وفي روايةٍ: كَرِبَ لذلك، وتَزَبَّدَ له وجْهُه، وغَمَّضَ عَيْنَيْه،
وربما غَطَّ كغطيط الإِبِلِ ".
صَحيحٌ أَنَّ رسولَ اللهِ - ﷺ - كان يَغُطُّ عندما يَغْشاهُ جبريلُ - عليه السلام -، وذلك من ثِقَلِ الوحي، والغَطيطُ قَريبٌ من الشَّخير، وهو إِخراجُ الصوتِ من الأَنْفِ، وهذا أَمْرٌ عاديّ يمرُّ به أَيُّ شخصٍ عندما يبذلُ جهداً كبيراً، أَو يصعدُ مرتقى، وقد يَصدرُ عن كثيرٍ من النائمين، وهو ليسَ حالَةً مرضيَّة.