سيُعلمُه التوراةَ التي أَنزلَها على موسى - عليه السلام -، والتي جعلَ الإنجيلَ مُصَدِّقاً لها؛ لأَنَّ الكتابَيْنِ من عندِ الله!
لقد عَلَّمَ اللهُ عيسى - عليه السلام - التوراةَ التي أَنزلَها على
موسى - عليه السلام -، وذلك بما أَنزلَ عليه من كلامِ الإِنجيل، وجعَلَه مُصَدِّقاً للتوراة، وناسِخاً لبعضِ أحكامها، ومُحَلِّلاً لبعضِ الأَشياءِ المحَرَّمَة فيها.
قال تعالى: (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ).
ولَنْ يُعَلِّمَ اللهُ عيسى - عليه السلام - التوراةَ المحَرَّفَة، التي شهدَ أَنها مُحَرَّفَة، وأَخبرَ القرآنُ أَنها مُحَرَّفَة...
فهما " توراتان "، التوراةُ التي أَنزلَها على موسى - عليه السلام -،
ثم عَلَّمَها لعيسى - عليه السلام -، والتوراةُ التي حَرَّفَها اليهودُ، والتي تَبَرَّأَ اللهُ سبحانه منها.
وإِذا ثَبَتَ أَنَّ الأَحبارَ حَرَّفوا التوراةَ قبلَ بعثةِ محمد - ﷺ -، فإِنَّ التوراةَ التي كانتْ بين أَيدي اليهودِ في المدينةِ كانَتْ مُحَرَّفَةً أَيضاً.
وصَرَّحَ القرآنُ بأَنَّ اليهودَ في المدينةِ كانوا يمارسونَ جريمةَ التحريفِ المتواصلِ للتَّوراة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا.
وبما أَنَّ اليهودَ في المدينة حَرَّفوا التوراة، وأَضاعوا التوراةَ الربانيةَ التي
أَنزلَها اللهُ على موسى - عليه السلام -، فقد تَحَدّاهُم اللهُ بالإِتيانِ بالتوراةِ الأَصْلِيَّة.
قال تعالى: (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٣).
لا تُعتبرُ الآيةُ شاهدةً على اعتمادِ التوراة، وأَنها صحيحةٌ سليمةٌ من
التحريفِ، وأَنَّ اليهودَ في المدينة كانوا يَلْتَزمون بالتوراةِ الصحيحة، كما زعم الفادي المفترِي.